﴿أَو مِسْكينا ذَا مَتْرَبَة (١٦) ثمَّ كَانَ من الَّذين آمنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصبرِ وَتَوَاصَوْا بالمرحمة (١٧) أُولَئِكَ أَصْحَاب الميمنة (١٨) وَالَّذين كفرُوا بِآيَاتِنَا هم أَصْحَاب المشأمة (١٩) عَلَيْهِم نَار مؤصدة (٢٠) ﴾.
وَقَوله: ﴿ثمَّ كَانَ من الَّذين آمنُوا﴾ يَعْنِي: يقتحم الْعقبَة من فعل هَذِه الْأَشْيَاء، فَكَانَ من الَّذين آمنُوا.
فَإِن قيل: كلمة " ثمَّ " للتراخي بِاتِّفَاق أهل اللُّغَة، فَكيف وَجه الْمَعْنى فِي الْآيَة، وَقد ذكر الْإِيمَان متراخيا عَن هَذِه الْأَشْيَاء؟
وَالْجَوَاب: قَالَ النّحاس: هُوَ مُشكل، وَأحسن مَا قيل فِيهِ أَن مَعْنَاهُ: ثمَّ أخْبركُم أَنه كَانَ من الَّذين آمنُوا حِين فعل هَذِه الْأَشْيَاء، وَقد قيل: إِن " ثمَّ " بِمَعْنى الْوَاو، وَلَيْسَ يَصح.
وَقَوله: ﴿وَتَوَاصَوْا بِالصبرِ﴾ أَي: بِالصبرِ عَن معاصي الله، وَقيل: بِالصبرِ على طَاعَة الله، وَقيل: بِالصبرِ عَن لذات الدُّنْيَا وشهواتها.
وَقَوله: ﴿وَتَوَاصَوْا بالمرحمة﴾ أَي: مرحمة بَعضهم على بعض، وَتَوَاصَوْا بالمرحمة هُوَ وَصِيَّة البعضِ البعضَ.
وَقَوله: ﴿أُولَئِكَ أَصْحَاب الميمنة﴾ أَي: أَصْحَاب الْيَمين، وهم الَّذين اسْتخْرجُوا من شقّ آدم الْأَيْمن، وَيُقَال: الَّذين [يُعْطون] الْكتاب بأيمانهم، وَقيل: الميامين على أنفسهم.
وَقَوله: ﴿وَالَّذين كفرُوا بِآيَاتِنَا هم أَصْحَاب المشأمة﴾ أَي: المشائيم على أنفسهم، وَيُقَال: هم الَّذين يُعْطون الْكتاب بشمالهم، وَكَذَلِكَ القَوْل الأول.
وَقَوله: ﴿عَلَيْهِم نَار مؤصدة﴾ أَي: مطبقة، يُقَال: وصدت الْبَاب، وأصدته إِذا أطبقته، وَيُقَال: مؤصدة أَي: مُبْهمَة لَا بَاب لَهَا.
قَالَ الشَّاعِر:



الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
(قوم يُصَالح شدَّة أبنائهم وسلاسلا حلقا وبابا مؤصدا) أَي مطبقاً