﴿وغدوا على حرد قَادِرين (٢٥) فَلَمَّا رأوها قَالُوا إِنَّا لضالون (٢٦) بل نَحن محرومون (٢٧) قَالَ أوسطهم ألم أقل لكم لَوْلَا تسبحون (٢٨) قَالُوا سُبْحَانَ رَبنَا إِن كُنَّا ظالمين﴾.
وَقَوله: ﴿وغدوا على حرد قَادِرين﴾ أشهر الْأَقَاوِيل أَن مَعْنَاهُ: على حسد، وَهُوَ قَول قَتَادَة وَمُجاهد وَالْحسن وَجَمَاعَة.
وَعَن الشّعبِيّ وسُفْيَان أَنَّهُمَا قَالَا: على غضب.
أَي: على الْمَسَاكِين.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: " على حرد " أَي: على منع.
يُقَال: حاردت السّنة فَلَيْسَ فِيهَا مطر، وحاردت النَّاقة إِذا لم يكن بهَا لبن.
وَمعنى الْمَنْع هُوَ مَا عقدوه من منع الْمَسَاكِين.
وَعَن الْحسن فِي رِوَايَة: على حرص.
وَقيل: على قصد.
قَالَ الشَّاعِر:

(أقبل سيل جَاءَ من أَمر الله يحرد حرد الْجنَّة المغلة)
أَي: يقْصد.
وَعَن السّديّ: أَن الحرد اسْم جنتهم.
وَقَوله: ﴿قَادِرين﴾ أَي: قَادِرين عِنْد أنفسهم على الصرام.
وَقيل: " قَادِرين " أَي: على أَمر أسسوه بَينهم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا رأوها قَالُوا إِنَّا لضالون﴾ يَعْنِي: أَنهم لما رَأَوْا مَوضِع الْجنَّة وَلَيْسَ فِيهَا شجر وَلَا نَبَات قَالُوا: إِنَّا لضالون أَي: أَخْطَأنَا طَرِيق جنتنا.
وَقَوله: ﴿بل نَحن محرومون﴾ مَعْنَاهُ: أَنهم تنبهوا على الْأَمر، وَعرفُوا أَنهم لم يخطئوا الطَّرِيق فَقَالُوا: بل نَحن محرومون أَي: نزل الْعَذَاب وحرمنا ثمار جنتنا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ أوسطهم﴾ أَي: خَيرهمْ وأعدلهم.
وَمثله قَوْله تَعَالَى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا﴾ أَي: عدلا خيارا.
وَقَالَ سعيد بن جُبَير: أعقلهم.
وَقَوله: ﴿ألم أقل لكم لَوْلَا تسبحون﴾ أَي: هلا قُلْتُمْ إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وَوضع التَّسْبِيح هَا هُنَا مَوضِع الْمَشِيئَة؛ لِأَن التَّسْبِيح هُوَ تَنْزِيه الله تَعَالَى عَن كل سوء.
وَقَوله: إِن شَاءَ الله فِيهِ معنى التَّنْزِيه، وَهُوَ أَنه لَا يملك أحد فعل شَيْء إِلَّا بِمَشِيئَة، فينزه أَن


الصفحة التالية
Icon