﴿خلق الْإِنْسَان من علق (٢) اقْرَأ وَرَبك الأكرم (٣) الَّذِي علم بالقلم (٤) علم الْإِنْسَان مَا لم يعلم (٥) كلا إِن الْإِنْسَان ليطْغى (٦) ﴾ فأخذني فغطني حَتَّى بلغ مني الْجهد، ثمَّ، أَرْسلنِي، فَقَالَ: اقْرَأ، فَقلت مَا أَنا بقارئ، فأخذني فغطني الثَّانِيَة حَتَّى بلغ مني الْجهد، ثمَّ أَرْسلنِي، فَقَالَ اقْرَأ، فَقلت مَا أَنا بقارئ فأخذني فغطني الثَّالِثَة حَتَّى بلغ مني الْجهد، ثمَّ أَرْسلنِي، فَقَالَ:
" اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق | حَتَّى بلغ مَا لم يعلم ". |
وَقَوله: ﴿باسم رَبك﴾ أَي: اقْرَأ مفتتحا باسم رَبك، وَقيل: اقْرَأ اسْم رَبك، وَالْبَاء زَائِدَة، قَالَه أَبُو عُبَيْدَة، وَمثله قَول الشَّاعِر:
(هن الْحَرَائِر لأرباب أخمرة | سود المحاجر لَا يقْرَأن بالسور) |
وَقيل: اقْرَأ على اسْم رَبك، كَمَا يُقَال: سر باسم الله أَي: على اسْم الله، وَالْقَوْلَان الْأَوَّلَانِ هما المعروفان.
وَقَوله: ﴿الَّذِي خلق﴾ يَعْنِي: خلق النَّاس.
وَقَوله: ﴿خلق الْإِنْسَان من علق﴾ أَي: الْعلقَة وَهِي الدَّم، وَذكرهَا هُنَا الْعلقَة؛ لِأَنَّهَا من الأمشاج، فَدلَّ بهَا على غَيرهَا.
وَقَوله: ﴿اقْرَأ وَرَبك الأكرم﴾ أَي كريم، وَمن كرمه أَن يحلم عَن ذنُوب الْعباد، وَيُؤَخر عقوبتهم، وَعَن بَعضهم: من كرمه أَن يعبد الْآدَمِيّ غَيره، وَلَا يقطع عَنهُ رزقه.
وَقَوله: ﴿الَّذِي علم بالقلم﴾ أَي: الْكِتَابَة بالقلم، وَهِي نعْمَة عَظِيمَة، قَالَ قَتَادَة: الْقَلَم نعْمَة من الله عَظِيمَة، لَوْلَا ذَلِك لم يقم دين، وَلم يصلح عَيْش، وَاخْتلف القَوْل فِي المُرَاد بالتعليم، فأحد الْقَوْلَيْنِ هُوَ آدم صلوَات الله عَلَيْهِ، وَالْقَوْل الآخر: كل آدَمِيّ يخط بالقلم.
وَقَوله: ﴿علم الْإِنْسَان مَا لم يعلم﴾ قد بَينا، وَهُوَ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله: ﴿كلا إِن الْإِنْسَان ليطْغى﴾ نزل فِي أبي جهل، وَقد ورد فِي بعض الْأَخْبَار