﴿أُوتُوا الْكتاب إِلَّا من بعد مَا جَاءَتْهُم الْبَيِّنَة (٤) وَمَا أمروا إِلَّا ليعبدوا الله مُخلصين لَهُ الدّين حنفَاء ويقيموا الصَّلَاة ويؤتوا الزَّكَاة وَذَلِكَ دين الْقيمَة (٥) إِن الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب وَالْمُشْرِكين فِي نَار جَهَنَّم خَالِدين فِيهَا أُولَئِكَ هم شَرّ الْبَريَّة (٦) إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات أُولَئِكَ هم خير الْبَريَّة (٧) ﴾
وَقَوله: ﴿وَمَا تفرق الَّذين أُوتُوا الْكتاب﴾ أَي: فِي أَمر النَّبِي وَمَا جَاءَ بِهِ.
وَقَوله: ﴿إِلَّا من بعد مَا جَاءَتْهُم الْبَيِّنَة﴾ أَي: الْبَينَات والبراهين والدلائل.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا أمروا إِلَّا ليعبدوا الله مُخلصين لَهُ الدّين حنفَاء﴾ قد ذكرنَا معنى الحنيف، وَقيل: إِذا كَانَ مُسلما فَهُوَ الْحَاج، وَإِذا كَانَ غير مُسلم فَهُوَ الْإِسْلَام، وَالْمعْنَى: أمروا أَن يَكُونُوا حنفَاء، فَإِن كَانَ الْخطاب مَعَ الْمُسلمين فَالْمُرَاد مِنْهُ أَن يَكُونُوا حجاجا وَإِن كَانَ الْخطاب مَعَ الْكفَّار فَالْمُرَاد أَن يَكُونُوا مُسلمين.
وَقَوله: ﴿ويقيموا الصَّلَاة ويؤتوا الزَّكَاة وَذَلِكَ دين الْقيمَة﴾ أَي: ذَلِك الْملَّة الْقيمَة، وَقيل: دين الْأمة المستقيمة على الْحق، وَقيل: دين الْملَّة الْقيمَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب وَالْمُشْرِكين فِي نَار جَهَنَّم خَالِدين فِيهَا أُولَئِكَ هم شَرّ الْبَريَّة﴾ قرئَ بِالْهَمْز وَترك الْهَمْز، فالقراءة بِالْهَمْز من برأَ الله الْخلق، وبترك الْهمزَة من البرى، وَهُوَ التُّرَاب أَي: شَرّ من خلق من البرى، وَالْعرب تَقول: بفيك البرى وَالثَّرَى.
وَقَوله: ﴿إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات أُولَئِكَ هم خير الْبَريَّة﴾ قد ذكرنَا، وروى سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن الْمُخْتَار بن فلفل، عَن أنس بن مَالك: " أَن رجلا قَالَ للنَّبِي يَا خير الْبَريَّة قَالَ: ذَاك إِبْرَاهِيم - صلوَات الله عَلَيْهِ " أوردهُ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ فِي جَامعه، وَقَالَ: هُوَ صَحِيح غَرِيب.