﴿بِأَن رَبك أوحى لَهَا (٥) يَوْمئِذٍ يصدر النَّاس أشتاتا ليروا أَعْمَالهم (٦) فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره (٧) وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره (٨) ﴾ بن الْحسن] الْمروزِي، أخبرنَا عبد الله بن الْمُبَارك، عَن سعيد بن أبي أَيُّوب.. الحَدِيث، وَيُقَال: الْمَعْنى: وَقَالَ الْإِنْسَان مَا لَهَا؟ أَي: مَا للْأَرْض تحدث أَخْبَارهَا.
قَوْله: ﴿بِأَن رَبك أوحى لَهَا﴾ أَي: أوحى إِلَيْهَا أَن تحدث.
قَالَ الشَّاعِر:
(أوحى لَهَا الْقَرار فاستقرت... )
أَي: إِلَيْهَا.
وَالْمعْنَى: أَن الأَرْض أخْبرت بِوَحْي الله إِلَيْهَا.
قَالَ أَبُو جَعْفَر النّحاس: الْوَحْي على وَجْهَيْن: أَحدهمَا: وَحي الله إِلَى أنبيائه عَلَيْهِم السَّلَام، وَالْآخر: بِمَعْنى الإلهام، مثل قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأوحى رَبك إِلَى النَّحْل﴾، وَمثل هَذِه الْآيَة، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: ﴿بِأَن رَبك أوحى لَهَا﴾ أَي: ألهمها أَن تحدث.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَوْمئِذٍ يصدر النَّاس أشتاتا﴾ أَي: مُتَفَرّقين.
يُقَال: شتان مَا بَين فلَان وَفُلَان أَي: مَا أَشد التَّفْرِقَة بَينهمَا.
وَقَوله: ﴿ليروا أَعْمَالهم﴾ أَي: أَعْمَالهم الَّتِي عملوها.
وَقَوله: ﴿فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره﴾ قَالَ ابْن مَسْعُود: هَذِه الْآيَة أحكم آيَة فِي الْقُرْآن.
وروى أَن عمر بن الْخطاب سَأَلَ قوما: أَي آيَة فِي كتاب الله أحكم؟ فَقَالُوا: ﴿فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره﴾ فَقَالَ: أفيكم ابْن أم عبد؟ فَقَالُوا: نعم، وَأَرَادَ أَن هَذَا جَائِز مِنْهُ.
وروى أَن صعصعة عَم الفرزدق أَتَى النَّبِي فَأسلم، فَسمع هَذِه الْآيَة: ﴿فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره﴾ قَالَ: حسبي لَا أُبَالِي أَلا اسْمَع من الْقُرْآن غَيرهَا.
رَوَاهُ الْحسن مُرْسلا.