﴿أفنجعل الْمُسلمين كالمجرمين (٣٥) مَا لكم كَيفَ تحكمون (٣٦) أم لكم كتاب فِيهِ تدرسون (٣٧) إِن لكم فِيهِ لما تخيرون (٣٨) أم لكم أَيْمَان علينا بَالِغَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة إِن لكم لما تحكمون (٣٩) سلهم أَيهمْ بذلك زعيم (٤٠) أم لَهُم شُرَكَاء﴾. هَذِه الْآيَة: لَئِن أَعْطَاكُم الله تَعَالَى فِي الْآخِرَة جنَّات النَّعيم فيعطينا مثل مَا يعطيكم أَو خيرا مِنْهَا،
فَأنْزل الله تَعَالَى: ﴿أفنجعل الْمُسلمين كالمجرمين﴾ [أَي] : نسوي بَين الْمُسلمين وَالْمُشْرِكين فِي إِعْطَاء جنَّات النَّعيم، وَهُوَ مَذْكُور على طَرِيق الْإِنْكَار أَي: لَا يفعل كَذَلِك.
وَقَوله: ﴿مَا لكم كَيفَ تحكمون﴾ أَي: كَيفَ تقضون؟ وَالْمرَاد من الحكم هُوَ حكمهم فِي أنفسهم بِالْجنَّةِ.
وَقَوله: ﴿أم لكم كتاب فِيهِ تدرسون﴾ أَي: تدرسون مَا تحكمون بِهِ.
وَقيل: ترددون النّظر فِيهِ، فتحكمون مِنْهُ لأنفسكم مَا حكمتم.
وَقَوله: ﴿إِن لكم فِيهِ لما تخيرون﴾ أَي: تختارون، وَهُوَ بَيَان لذَلِك الحكم.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿أم لكم أَيْمَان علينا بَالِغَة﴾ أَي: مُؤَكدَة، وَمعنى الْبَالِغَة فِي كَلَام الْعَرَب فِي مثل هَذِه الْمَوَاضِع: هُوَ بُلُوغ النِّهَايَة، يُقَال: هَذَا شَيْء جيد بَالغ، أَي: بلغ النِّهَايَة فِي الْجَوْدَة.
وَقَوله: ﴿إِلَى يَوْم الْقِيَامَة﴾ يَعْنِي: اللُّزُوم والثبات، وَقيل: ألكم أَيْمَان مُؤَكدَة أَلا نعذبكم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة.
وَقَوله: ﴿إِن لكم لما تحكمون﴾ تَفْسِير لما وَقع عَلَيْهِ الْيَمين.
وَقَوله: ﴿سلهم أَيهمْ بذلك زعيم﴾ أَي: كَفِيل.
وَقَوله: ﴿أم لَهُم شُرَكَاء﴾ هَذَا على توسع الْكَلَام.
وَمَعْنَاهُ: عِنْدهم وَفِي زعمهم.
وَقيل: أم بِهَذَا شهد الشُّرَكَاء بِمَعْنى الشُّهَدَاء، ذكره النقاش.


الصفحة التالية
Icon