﴿مَا أغْنى عَنهُ مَاله وَمَا كسب (٢) سيصلى نَارا ذَات لَهب (٣) ﴾
قَوْله: ﴿وَتب﴾ قَالَ مقَاتل وَغَيره: خسرت، والتباب فِي اللُّغَة هُوَ الْهَلَاك، وَهُوَ الخسران أَيْضا.
قَالَ الْفراء: الأول دُعَاء، وَالثَّانِي إِخْبَار، فَالْأول هُوَ قَوْله ﴿تبت يدا أبي لَهب﴾ وَالثَّانِي قَوْله: ﴿وَتب﴾ على مَا معنى الْخَبَر أَي: وَقد خسر وَهلك، وَفِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود: " وَقد تبت ".
وَقَوله: ﴿مَا أغْنى عَنهُ مَاله وَمَا كسب﴾ أَي: لَا يدْفع عَنهُ مَاله وَولده شَيْئا من عَذَاب الله، فَيكون قَوْله: ﴿وَمَا كسب﴾ بِمَعْنى وَمَا ولد على هَذَا القَوْل.
قَالَ أَبُو جَعْفَر النّحاس: وَيبعد أَن تكون مَا بِمَعْنى من فِي اللُّغَة.
فَقَوله: ﴿وَمَا كسب﴾ أَي: وَمَا كسب من جَاءَ وَمَا يُشبههُ وَأما أَبُو لَهب فَهُوَ عَم النَّبِي واسْمه عبد الْعزي، وَيُقَال: سمي أَبُو لَهب لتلهب وَجهه حسنا.
وَذكره الله تَعَالَى بكنيته؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَعْرُوفا بذلك أَو لِأَن اسْمه كَانَ عبد الْعزي فكره أَن تنْسب عبوديته إِلَى غَيره.
وَفِي تَفْسِير النقاش: أَن أَبَا لَهب انْتَفَى بني هَاشم، وانتسب إِلَى أبي أُميَّة، وَقَالَ: لَا أكون من قوم فيهم كَذَّاب مثل مُحَمَّد.
وَمن الْمَعْرُوف عَن طَارق الْمحَاربي أَنه قَالَ: " كنت بسوق ذِي الْمجَاز فَإِذا أَنا بشاب يَقُول: أَيهَا النَّاس، قُولُوا: لَا إِلَه إِلَّا الله تُفْلِحُوا، وَإِذا الرجل خَلفه يرميه بِالْحجرِ، وَقد أدْمى (عَقِبَيْهِ)، وَهُوَ يَقُول: أَيهَا النَّاس، لَا تُصَدِّقُوهُ فَإِنَّهُ كَذَّاب.
قَالَ: فَسَأَلت عَنْهُمَا، فَقيل: إِن الشَّاب مُحَمَّد، وَالرجل الَّذِي خَلفه عَمه أَبُو لَهب ".