﴿وَمن شَرّ النفاثات فِي العقد (٤) وَمن شَرّ حَاسِد إِذا حسد (٥) ﴾. فِي جَامعه وَقَالَ: هُوَ حَدِيث صَحِيح.
قَالَ النّحاس: يجوز أَن تكون الِاسْتِعَاذَة من الْقَمَر، لِأَن قوما أشركوا بِسَبَبِهِ، فنسب إِلَيْهِ الِاسْتِعَاذَة على الْمجَاز.
قَالَ القتيبي: من شَرّ غَاسِق إِذا وَقب: هُوَ الْقَمَر إِذا دخل فِي شاهوره - أَي: فِي غلافه - وَهُوَ إِذا غَابَ.
وَذكر بَعضهم: أَن الِاسْتِعَاذَة من الْقَمَر؛ لِأَن أهل الْبَريَّة يتحينون وَجه الْقَمَر - أَي غروبه - وهم اللُّصُوص وَأهل الشَّرّ وَالْفساد، وَالْقَوْل الثَّالِث: أَن الْغَاسِق هُوَ الثريا.
وَقَوله: ﴿إِذا وَقب﴾ إِذا غَابَ، وَذكر ذَلِك إِذا غَابَ الثريا ظَهرت العاهات والبلايا، وَإِذا طلع الثريا رفعت العاهات والبلايا.
وَقد ورد عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " إِذا طلع النَّجْم رفعت العاهة عَن كل بلد ".
وَذَلِكَ مثل الوباء والطواعين والأسقام وَمَا يشبهها.
وَقيل: " من شَرّ غَاسِق إِذا وَقب " أَي: من شَرّ الشَّمْس إِذا غربت.
وَذكر النقاش بِإِسْنَادِهِ عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: من شَرّ غَاسِق إِذا وَقب: من شَرّ الذّكر إِذا دخل، قَالَ النقاش: فَذكرت ذَلِك لمُحَمد بن إِسْحَاق بن خُزَيْمَة، وَقلت: هَل يجوز أَن تفسر الْقُرْآن بِهَذَا؟ ! قَالَ: نعم، قَالَ النَّبِي: " أعوذ بك من شَرّ منيى "، وَهُوَ خبر مَعْرُوف، وَهُوَ أَن النَّبِي قَالَ: " أعوذ بك من شَرّ سَمْعِي وَمن شَرّ بَصرِي " فعدد أَشْيَاء، وَقَالَ فِي آخرهَا: وَمن شَرّ منيى ".
وَقَوله: ﴿وَمن شَرّ النفاثات فِي العقد﴾ أَي: السواحر، والنفث هُوَ النفخ بالفم،