﴿أم تَسْأَلهُمْ أجرا فهم من مغرم مثقلون (٤٦) أم عِنْدهم الْغَيْب فهم يَكْتُبُونَ (٤٧) فاصبر لحكم رَبك وَلَا تكن كصاحب الْحُوت إِذْ نَادَى وَهُوَ مكظوم (٤٨) لَوْلَا أَن تَدَارُكه نعْمَة من ربه لنبذ بالعراء وَهُوَ مَذْمُوم (٤٩) فاجتباه ربه فَجعله من الصَّالِحين (٥٩) وَإِن يكَاد الَّذين كفرُوا ليزلقونك بِأَبْصَارِهِمْ﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أم تَسْأَلهُمْ أجرا فهم من مغرم مثقلون﴾ أَي: أجرا على تَبْلِيغ الرسَالَة فهم من الْغرم مثقلون.
وَقَوله: ﴿أم عِنْدهم الْغَيْب فهم يَكْتُبُونَ﴾ أَي: عِنْدهم اللَّوْح الْمَحْفُوظ، وَسَماهُ غيبا لِأَنَّهُ كتب فِيهِ مَا غَابَ عَن الْعباد.
وَقَوله: ﴿فهم يَكْتُبُونَ﴾ أَي: يَكْتُبُونَ مِنْهُ مَا يحكمون لأَنْفُسِهِمْ وَيَقَع بشهواتهم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فاصبر لحكم رَبك وَلَا تكن كصاحب الْحُوت﴾ أَي: فِي الضجر وَترك الصَّبْر.
وَيُقَال: لَا تغاضب كَمَا غاضب صَاحب الْحُوت، وَهُوَ ذُو النُّون، واسْمه يُونُس بن مَتى صلوَات الله عَلَيْهِ.
وَقَوله: ﴿إِذْ نَادَى وَهُوَ مكظوم﴾ أَي: مَمْلُوء كربا وغما.
وَيُقَال: كظم الْبَعِير بجرته إِذا حَبسهَا، وَالْمعْنَى: أَنه لم يجد للغم الَّذِي فِي قلبه نفاذا ومساغا فكظم عَلَيْهِ أَي: حَبسه.
وَقَوله: ﴿لَوْلَا أَن تَدَارُكه نعْمَة من ربه﴾ أَي: رَحْمَة من ربه.
وَقَوله: ﴿لنبذ بالعراء﴾ العراء هُوَ وَجه الأَرْض.
وَيُقَال: الْمَكَان الْخَالِي البارز.
وَقَوله: ﴿وَهُوَ مَذْمُوم﴾ أَي: نبذ غير مَذْمُوم، وَلَوْلَا رَحْمَة ربه لَكَانَ مذموما.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فاجتباه ربه﴾ أَي: اصطفاه وَاخْتَارَهُ.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿فَجعله من الصَّالِحين﴾ أَي: من عباده الصَّالِحين.
وَقد ذكرنَا قصَّته من قبل.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِن يكَاد الَّذين كفرُوا ليزلقونك بِأَبْصَارِهِمْ﴾ قَرَأَ ابْن عَبَّاس:


الصفحة التالية
Icon