﴿وَمَا نَحن بمسبوقين (٤١) فذرهم يخوضوا ويلعبوا حَتَّى يلاقوا يومهم الَّذِي يوعدون (٤٢) يَوْم يخرجُون من الأجداث سرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نصب يوفضون (٤٣) خاشعة أَبْصَارهم ترهقهم ذلة ذَلِك الْيَوْم الَّذِي كَانُوا يوعدون (٤٤) ﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلَا أقسم بِرَبّ الْمَشَارِق والمغارب﴾ مَعْنَاهُ: أقسم، وَهُوَ على مَذْهَب الْعَرَب، وَكَانُوا يَقُولُونَ هَكَذَا.
وَذكر هَاهُنَا الْمَشَارِق والمغارب؛ لِأَن الشَّمْس فِي كل يَوْم تشرق من مَكَان آخر غير مَا كَانَ فِي الْيَوْم الأول، وَكَذَلِكَ فِي الْمغرب.
وَفِي التَّفْسِير: أَنَّهَا تطلع كل يَوْم من كوَّة أُخْرَى، وتغرب من كوَّة أُخْرَى.
وَقَوله: ﴿إِنَّا لقادرون على أَن نبدل خيرا مِنْهُم﴾ أَي: أطوع لله مِنْهُم، وأمثل مِنْهُم.
وَقَوله: ﴿وَمَا نَحن بمسبوقين﴾ أَي: معاجزين، وَقد بَينا من قبل.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فذرهم يخوضوا ويلعبوا حَتَّى يلاقوا يومهم الَّذِي يوعدون﴾ هُوَ يَوْم الْقِيَامَة.
وَهُوَ مَذْكُور على طَرِيق التهديد لَا على طَرِيق الْإِطْلَاق وَالْإِذْن.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿يَوْم يخرجُون من الأجداث سرَاعًا﴾ أَي: من الْقُبُور. والجدث: الْقَبْر، والأجداث الْجمع.
وَقَوله: ﴿كَأَنَّهُمْ إِلَى نصب يوفضون﴾ أَي: يخرجُون سرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى علم نصب لَهُم يسرعون، وَقُرِئَ: " نصب يوفضون " بِضَم النُّون، والنُصُب والنَصَب بِمَعْنى الْأَصْنَام، وَقد كَانُوا يسرعون إِلَى أصنامهم إِذا ذَهَبُوا إِلَيْهَا، فيعظموها ويستلموها.
وَقَوله: ﴿خاشعة أَبْصَارهم﴾ أَي: ذليلة أَبْصَارهم ﴿ترهقهم ذلة﴾ أَي: مذلة.
وَقَوله: ﴿ذَلِك الْيَوْم الَّذِي كَانُوا يوعدون﴾ أَي: يُقَال لَهُم: هَذَا الْيَوْم هُوَ الْيَوْم الَّذِي وعدتم فِي الدُّنْيَا.
وَالله أعلم.