﴿لَهُم وأسررت لَهُم إسرارا (٩) فَقلت اسْتَغْفرُوا ربكُم إِنَّه كَانَ غفارًا (١٠) يُرْسل السَّمَاء عَلَيْكُم مدرارا (١١) ويمددكم بأموال وبنين وَيجْعَل لكم جنَّات وَيجْعَل لكم أَنهَارًا (١٢) مَا لكم لَا ترجون لله وقارا (١٣) ﴾. ربكُم إِنَّه كَانَ غفارًا).
وَقَوله: ﴿يُرْسل السَّمَاء عَلَيْكُم مدرارا﴾ أَي: ليرسل.
ومدرارا، أَي: مُتَتَابِعًا.
وَالسَّمَاء: الْمَطَر.
وَقيل هُوَ الْمَطَر فِي إبانه.
وَفِي بعض الْأَخْبَار: إِذا أَرَادَ الله بِقوم خيرا أمطرهم فِي وَقت الزَّرْع، وَحبس عَنْهُم فِي وَقت الْحَصاد، وَإِذا أَرَادَ بِقوم سوءا أمطرهم فِي وَقت الْحَصاد وَحبس فِي وَقت الزَّرْع.
وروى الشّعبِيّ أَن عمر - رَضِي الله عَنهُ - خرج (مرّة) للاستسقاء فَلم يزدْ على الاسْتِغْفَار ثمَّ نزل.
فَقيل لَهُ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، إِنَّك لم تستسق! فَقَالَ: لقد طلبت الْغَيْث بِمَجَادِيح السَّمَاء الَّتِي يسْتَنْزل بهَا الْمَطَر، وتلا قَوْله تَعَالَى: ﴿اسْتَغْفرُوا ربكُم إِنَّه كَانَ غفارًا﴾.
وَقَوله: ﴿ويمددكم بأموال وبنين﴾ قَالَ قَتَادَة: علم أَن الْقَوْم أَصْحَاب دنيا، فحركهم بهَا ليؤمنوا.
وَعَن بَعضهم: أَن الله تَعَالَى أعقم أَرْحَام نِسَائِهِم أَرْبَعِينَ سنة، وَحبس عَنْهُم الْمَطَر أَرْبَعِينَ سنة، فَهُوَ معنى قَول نوح: ﴿يُرْسل السَّمَاء عَلَيْكُم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين﴾.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَيجْعَل لكم جنَّات وَيجْعَل لكم أَنهَارًا﴾ أَي: بساتين وأنهارا تجْرِي فِيمَا بَينهَا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿مَا لكم لَا ترجون لله وقارا﴾ أَي: تخافون لله عَظمَة وقدرة.
وَقَالَ قطرب: مالكم لَا تبالون من عَظمَة الله تَعَالَى.
وَقيل: وقارا، أَي: طَاعَة، وَمَعْنَاهُ: مالكم لَا ترجون طَاعَة الله، أَي: لَا تستعملونها.
وَالْقَوْل الأول هُوَ الْمَعْرُوف، ذكره الْفراء والزجاج وَغَيرهمَا، وَقد يذكر الرَّجَاء بِمَعْنى الْخَوْف؛ لِأَنَّهُ لَا يكون الرَّجَاء إِلَّا وَمَعَهُ خوف الْفَوْت.


الصفحة التالية
Icon