{ونسرا (٢٣) وَقد أَضَلُّوا كثيرا وَلَا تزد الظَّالِمين إِلَّا ضلالا (٢٤) مِمَّا خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نَارا فَلم يَجدوا لَهُم من دون الله أنصارا (٢٥) وَقَالَ نوح رب لَا تذر على الأَرْض من الْكَافرين ديارًا (٢٦) إِنَّك إِن تذرهم يضلوا عِبَادك وَلَا يلدوا إِلَّا فَاجِرًا كفَّارًا (٢٧).
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَقد أَضَلُّوا كثيرا﴾ أَي: ضل كثير من النَّاس بسببهم.
وَقَوله: ﴿وَلَا تزد الظَّالِمين إِلَّا ضلالا﴾ دَعَا عَلَيْهِم هَذَا الدُّعَاء عُقُوبَة لَهُم، وَهُوَ مثل دُعَاء مُوسَى على قوم فِرْعَوْن ﴿رَبنَا اطْمِسْ على أَمْوَالهم وَاشْدُدْ على قُلُوبهم﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿مِمَّا خطيئاتهم﴾ أَي: من خطيئاتهم، ﴿أغرقوا فأدخلوا نَارا﴾ يَعْنِي: أغرقوا فِي الدُّنْيَا، وأدخلوا نَارا فِي الْآخِرَة.
وَقيل: هُوَ فِي الْقَبْر.
وَعَن الْحسن قَالَ: الْبَحْر طبق جَهَنَّم.
وَقيل: الْبَحْر نَار ثمَّ نَار.
وَقَوله: ﴿فَلم يَجدوا لَهُم من دون الله أنصارا﴾ أَي: أحدا يمنعهُم من عَذَاب الله.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَقَالَ نوح رب لَا تذر على الأَرْض من الْكَافرين ديارًا﴾ أَي: أحدا.
وَقيل: ديارًا أَي: من ينزل دَارا، مَأْخُوذ من الدَّار.
وَقَوله: ﴿إِنَّك إِن تذرهم يضلوا عِبَادك وَلَا يلدوا إِلَّا فَاجِرًا كفَّارًا﴾ وَهَذَا على مَا أخبرهُ الله تَعَالَى عَنْهُم ﴿أَنه لن يُؤمن من قَوْمك إِلَّا من قد آمن﴾ وَعَن مُجَاهِد: أَن الرجل مِنْهُم كَانَ يَأْتِي نوحًا فيضربه حَتَّى يغشى عَلَيْهِ، فَإِذا أَفَاق قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِر لقومي فَإِنَّهُم لَا يعلمُونَ.
ثمَّ إِنَّه لما أخبر الله تَعَالَى أَنه لَا يُؤمن أحد مِنْهُم دَعَا عَلَيْهِم.
وَفِي الْقِصَّة: أَن الرجل مِنْهُم كَانَ يحمل ابْنه على كتفه إِلَيْهِ وَيَقُول: احذر هَذَا الشَّيْخ الْمَجْنُون، فَإِن أَبى أحذرني إِيَّاه كَمَا حذرتك، فَفَعَلُوا كَذَلِك حَتَّى مضى سَبْعَة قُرُون،


الصفحة التالية
Icon