﴿قل إِنِّي لَا أملك لكم ضرا وَلَا رشدا (٢١) قل إِنِّي لن يجيرني من الله أحد وَلنْ أجد من دونه ملتحدا (٢٢) إِلَّا بلاغا من الله ورسالاته وَمن يعْص الله وَرَسُوله﴾ النَّضر بن الْحَارِث قَالَ للنَّبِي: إِنَّك جِئْت بِأَمْر عَظِيم، وخالفت دين آبَائِك، وَأَن الْعَرَب لَا يوافقونك على هَذَا، فَارْجِع إِلَى دين آبَائِك فَأنْزل الله تَعَالَى قَوْله: ﴿قل إِنَّمَا أدعوا رَبِّي﴾ أَي: أوحد رَبِّي ﴿وَلَا أشرك بِهِ أحدا﴾ أَي: مَعَه أحدا.
وَيُقَال: إِن هَذَا قَالَه مَعَ الْجِنّ، وَهُوَ نسق على مَا تقدم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قل إِنِّي لَا أملك لكم ضرا وَلَا رشدا﴾ يَعْنِي: لَا أملك ذَلِك بنفسي، وَإِنَّمَا هُوَ من الله تَعَالَى وبعونه وتوفيقه).
قَوْله تَعَالَى: ﴿قل إِنِّي لن يجيرني من الله أحد﴾ روى أَن النَّضر بن الْحَارِث قَالَ لَهُ: ارْجع إِلَى دين آبَائِك وَلَا تخف من أحد، فَإنَّا نجيرك ونمنعك، فَأنْزل الله تَعَالَى: ﴿قل إِنِّي لن يجيرني من الله أحد﴾ أَي: لن ينصرني ويمنعني من عَذَاب الله أحد.
وَيُقَال: إِنَّه خطاب الْجِنّ نسقا على مَا تقدم.
وروى أَبُو الجوزاء عَن ابْن عَبَّاس: أَن ابْن مَسْعُود خرج مَعَ النَّبِي لَيْلَة الْجِنّ، فازدحم الْجِنّ على النَّبِي وتعاووا عَلَيْهِ، فَقَالَ وَاحِد مِنْهُم يُقَال لَهُ وردان: يَا مُحَمَّد، لَا تخف فَأَنا أجيرك مِنْهُم، فَأنْزل الله تَعَالَى: ﴿قل إِنِّي لن يجيرني من الله أحد﴾.
وَقَوله: ﴿وَلنْ أجد من دونه ملتحدا﴾ أَي: ملْجأ.
وَقيل: مهربا.
وَيُقَال: متعرجا.
وَقَوله: ﴿إِلَّا بلاغا من الله﴾ أَي: لَا أملك شَيْئا من الضّر والرشد إِلَّا أَن أبلغ رِسَالَة رَبِّي أَي: لَيْسَ بيَدي إِلَّا هَذَا وَهَذَا التَّبْلِيغ.
وَقد قيل: ضرا وَلَا رشدا أَي: لَا أدفَع عَنْكُم ضرا، وَلَا أسوق إِلَيْكُم خيرا، وَلَيْسَ بيَدي إِلَّا أَن أبلغ رِسَالَة رَبِّي.
وَقَوله: ﴿وَمن يعْص الله وَرَسُوله فَإِن لَهُ نَار جَهَنَّم خَالِدين فِيهَا أبدا﴾ أَي: دَائِما.
قَوْله تَعَالَى: ﴿حَتَّى إِذا رَأَوْا مَا يوعدون﴾ أَي: الْقِيَامَة، قَالَه سعيد بن جُبَير وَغَيره.
وَقيل: الْعَذَاب فِي الدُّنْيَا، قَالَه قَتَادَة وَغَيره.