﴿فَإِن لَهُ نَار جَهَنَّم خَالِدين فِيهَا أبدا (٢٣) حَتَّى إِذا رَأَوْا مَا يوعدون فسيعلمون من أَضْعَف ناصرا وَأَقل عددا (٢٤) قل إِن أَدْرِي أَقَرِيب مَا توعدون أم يَجْعَل لَهُ رَبِّي أمدا (٢٥) عَالم الْغَيْب فَلَا يظْهر على غيبه أحدا (٢٦) إِلَّا من ارتضى من رَسُول فَإِنَّهُ يسْلك من بَين يَدَيْهِ﴾
وَقَوله: ﴿فسيعلمون من أَضْعَف ناصرا وَأَقل عددا﴾ أَي: وَأَقل جندا وأعوانا.
وَيُقَال: معنى قَوْله: ﴿وَأَقل عددا﴾ أَي: فِي الْقِيَامَة.
وَفِي التَّفْسِير: أَن الله تَعَالَى يُعْطي الْمُؤمنِينَ من الْأزْوَاج والولدان والحور والقهارمة (و) وَمَا يكثر عَددهمْ ويزيدوا على أهل بَلْدَة كَثِيرَة من بِلَاد الدُّنْيَا، فَهُوَ معنى قَوْله: ﴿فسيعلمون من أَضْعَف ناصرا وَأَقل عددا﴾ فَإِن الْمُشْركين كَانُوا يعيرون النَّبِي وَالْمُؤمنِينَ بقلة النَّاصِر وَقلة الْعدَد، فَقَالَ: ﴿فسيعلمون من أَضْعَف ناصرا وَأَقل عددا﴾ أَي: فِي الْقِيَامَة، وَإِذا وصل كل أحد إِلَى مستقره.
قَوْله تَعَالَى ﴿قل إِن أَدْرِي أَقَرِيب مَا توعدون أم يَجْعَل لَهُ رَبِّي أمدا﴾ أَي: مُدَّة وَغَايَة، وَالْمعْنَى: لَا أَدْرِي أَنه يعجل لكم الْعَذَاب أَو يُؤَخِّرهُ، ويعجل لكم مُدَّة ومهلة.
وَقد روى أَن الْمُشْركين كَانُوا يستعجلونه الْعَذَاب، وَيَقُولُونَ: إِلَى مَتى توعدنا الْعَذَاب؟ فَأَيْنَ الْعَذَاب؟ فَأمره الله تَعَالَى أَن يكل ذَلِك إِلَى الله تَعَالَى، وَأَن يَقُول: إِنَّه بيد الله لَا بيَدي.
قَوْله تَعَالَى: ﴿عَالم الْغَيْب فَلَا يظْهر على غيبه أحدا﴾ أَي: هُوَ عَالم الْغَيْب فَلَا يظْهر على غيبه أحدا
﴿إِلَّا من ارتضى من رَسُول﴾ فَإِنَّهُ يطلعه على غيبه بِمَا ينزله عَلَيْهِ من الْآيَات والبينات.
وَقَوله: ﴿فَإِنَّهُ يسْلك من بَين يَدَيْهِ﴾ أَي: يَجْعَل من بَين يَدَيْهِ ﴿وَمن خَلفه رصدا﴾ أَي: حفظَة.
وروى سُفْيَان عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: مَلَائِكَة يحرسونه.
وَفِي التَّفْسِير: أَن الله تَعَالَى مَا بعث وَحيا من السَّمَاء إِلَّا وَمَعَهُ مَلَائِكَة يحرسونه.
فَإِن قَالَ قَائِل: وَمن مَاذَا يَحْفَظُونَهُ ويحرسونه؟ وَالْجَوَاب: أَن الْحِفْظ والحراسة لخطر شَأْن