﴿وأقوم قيلا (٦) إِن لَك فِي النَّهَار سبحا طَويلا (٧) ﴾.
قَوْله: ﴿أَشد وطئا﴾ أَي: ثقلا.
وَالْمعْنَى: أَنه أثقل على الْبدن؛ لِأَنَّهُ وَقت الرَّاحَة والسكون، فَيكون الْقيام فِيهِ أثقل، وَإِذا كَانَ الْقيام أثقل فالثواب أعظم، فَإِن الْجهد إِذا كَانَ أَشد، وَالْعَمَل أتعب، فالثواب أكبر، وَهُوَ المُرَاد بِالْآيَةِ فِي هَذِه الْقِرَاءَة.
وَأما الْقِرَاءَة الثَّانِيَة أَي: أَشد مواطأة، وَمَعْنَاهُ: مُوَافقَة بَين السّمع وَالْبَصَر وَالْقلب، وَذَلِكَ لقلَّة الحركات وهدء الْأَصْوَات، فَإِن بِالنَّهَارِ تكون الْعين مشتغلة بِالنّظرِ، وَالْأُذن بِالسَّمْعِ، وَالْقلب مشتغل بالتصرفات، فَلَا تقع الْمُوَافقَة بالاستماع والتفهم.
قَالَ الْفراء: ﴿أَشد وطأ﴾ أَي أَجْدَر أَن تُحْصُوا مقادير قيامكم لفراغ قُلُوبكُمْ.
وَقَوله: ﴿وأقوم قيلا﴾ قَالَ الْكَلْبِيّ وَمُقَاتِل: أبين قولا.
وَعَن أنس أَنه قَرَأَ قَوْله: ﴿أَشد وطاء﴾ " أهيأ وطاء " وَهُوَ قريب الْمَعْنى من الأول.
وَعَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ: ناشئة اللَّيْل هُوَ جَمِيع اللَّيْل بالحبشية، وَهِي معربة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن لَك فِي النَّهَار سبحا طَويلا﴾ أَي: فراغا طَويلا للاستراحة.
وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة: سبحا طَويلا، أَي: تَصرفا وإقبالا وإدبارا فِي أمورك.
وَقَرَأَ يحيى بن يعمر " سبخا طَويلا " بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة.
قَالَ ثَعْلَب: السبح هُوَ الِاضْطِرَاب، والسبخ هُوَ السّكُون.
وَمِنْه قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لعَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - فِي السَّارِق مِنْهَا: " لَا تستبخي بِرَأْيِك عَلَيْهِ "، أَي: لَا تخففي.