﴿وَمَا هِيَ إِلَّا ذكرى للبشر (٣١) كلا وَالْقَمَر (٣٢) وَاللَّيْل إِذا أدبر (٣٣) وَالصُّبْح إِذا أَسْفر (٣٤) إِنَّهَا لإحدى الْكبر (٣٥) نذيرا للبشر (٣٦) ﴾. قَالُوا: مَا أقل هَذَا الْعدَد؛ فَأنْزل الله تَعَالَى: ﴿وَمَا يعلم جنود رَبك إِلَّا هُوَ﴾ أَي: لَهُ من الْجنُود سوى هَذَا الْعدَد مَا لَا يعلم عَددهَا إِلَّا هُوَ.
وَقَوله: ﴿وَمَا هِيَ إِلَّا ذكرى للبشر﴾ أَي: هَذِه الْآيَة عظة وعبرة للبشر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿كلا وَالْقَمَر﴾ كلا: هُوَ رد لما قَالُوا.
وَقَوله: ﴿وَالْقَمَر﴾ ابْتِدَاء قسم.
وَقَوله: ﴿وَاللَّيْل إِذا أدبر﴾ وَقُرِئَ: ﴿إِذا أدبر﴾ أَي: تولى وَذهب.
وَقَوله: ﴿إِذا أدبر﴾ أَي: إِذا جَاءَ خلف النَّهَار.
وروى أَن عبد الله بن عَبَّاس سُئِلَ عَن قَوْله: ﴿وَاللَّيْل إِذا أدبر﴾ فَقَالَ للسَّائِل: امْكُث.
فَلَمَّا أذن الْمُؤَذّن للصبح قَالَ: هَذَا حِين دبر اللَّيْل.
وَقد أنكر بَعضهم هَذِه الْقِرَاءَة.
وَقَالُوا: إِذا دبر، إِنَّمَا يُقَال فِي ظهر الْبَعِير.
وَالصَّحِيح مَا بَينا، وهما قراءتان معروفتان.
وَقَالَ الْكسَائي وَالْفراء: دبر وَأدبر بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَوله: ﴿وَالصُّبْح إِذا أَسْفر﴾ أَي: تبين وأضاء.
يُقَال: سفرت الْمَرْأَة عَن وَجههَا، (وسفر) الرجل بَيته إِذا كنسه حَتَّى كشف عَن تُرَاب الْبَيْت.
وَقَوله: ﴿إِنَّهَا لإحدى الْكبر﴾ أَي: الْقِيَامَة لإحدى العظائم.
وَيُقَال: الْكبر دركات جَهَنَّم.
وَقَوله: ﴿إِنَّهَا لإحدى الْكبر﴾ أَي: سقر إِحْدَى دركات جَهَنَّم، فَيَنْصَرِف (إِلَى مَا) ذكرنَا.
وَقَوله: ﴿نذيرا للبشر﴾ أَي: إنذارا للبشر.
وَذكر النّحاس أَنه رَجَعَ إِلَى قَوْله:


الصفحة التالية
Icon