ثم قال ﴿ أَو كِسْوَتُهُمْ ﴾ وفيها خمسة أقاويل : أحدها : كسوة ثوب واحد قاله ابن عباس ومجاهد وطاووس وعطاء [ الخراساني ] والشافعي. والثاني : كسوة ثوبين قاله أبو موسى الأشعري وابن المسيب والحسن وابن سيرين، والثالث : كسوة ثوب جامع كالملحفة والكساء قاله إبراهيم، والرابع : كسوة إزار ورداء وقميص قاله ابن عمر والخامس : كسوة ما تجزىء فيه الصلاة قاله بعض البصريين.
ثم قال ﴿ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ﴾ يعني او فك رقبة من أسر العبودية إلى حال الحرية والتحرير والفك : الفتق، قال الفرزدق :

أبني غدانة إنني حررتكم فوهبتكم لعطية بن جعال
وتجزئ صغيرها وكبيرها وذكرها وأنثاها وفي استحقاق إيمانها قولان : أحدهما : أنه مستحق ولا تجزئ الكفارة قاله الشافعي، والثاني : أنه غير مستحق قاله أبو حنيفة.
ثم مقال :﴿ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ﴾ فجعل الله الصوم [ له ] بدلاً من المال عند العجز عنه وجعله مع اليسار مخيراً بين التكفير بالإطعام والكسوة والعتق، وفيها قولان : أحدهما : أنّ الواجب منها أحدها لا بعينه عند جمهور الفقهاء والثاني : أن جميعها واجب وله الاقتصار على أحدها قاله بعض المتكلمين وشاذ من الفقهاء، وهذا إذا حُقّق خلف في العبارة دون المعنى واختلف فيما إذا لم يجده صام على خمسة أقاويل : أحدها : إذا لم يجد قوته وقوت من يقوم [ صام ] قاله الشافعي، والثاني : إذا لم يجد ثلاثة دراهم صام قاله سعيد بن جبير، والثالث : إذا لم يجد درهمين صام قاله الحسن، والرابع : إذا لم يجد مائتي درهم صام قاله أبو حنيفة، والخامس : إذا لم يجد ذلك فاضلاً عن رأس ماله الذي يتصرف به لمعاشه صام. وفي تتابع صيامه قولان : أحدهما : يلزمه قاله مجاهد وإبراهيم وكان أبيّ بن كعب وعبدالله بن مسعود يقرءان فصيام ثلاثة أيام متتابعات، والثاني : إن صامها متفرقاً جاز. قاله مالك وأحد قولي الشافعي ﴿ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ﴾ يعني وحنثتم، فإن قيل : لم لم يذكر مع الكفارة التوبة؟ قيل : لأنه ليس كل يمين حنث فيها كانت مأثماً توجب التوبة، فإن اقترن بها المأثم لزمت التوبة بالندم وترك العزم [ على المعاودة ] ﴿ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ ﴾ يحتمل وجهين : أحدهما : يعني احفظوها أن تحلفوا والثاني : احفظوها أن تحنثوا.


الصفحة التالية
Icon