وقد ألف الشيخ محمد الأمين الشنقيطي، صاحب "أضواء البيان" رسالة في منع المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز، وأجابوا عن الآيات التي استدل بها أصحاب القول الأول، بأن فيها مجازا بأن قالوا: ليس فيها مجاز، وأجابوا عنها بأجوبة تفصيلية، فقالوا: قوله تعالى: ﴿ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ ﴾ (١) ليس المراد مجرد البنيان؛ فإن لفظ القرية في لغة العرب، يطلق على البنيان وساكنيه، ولذلك إذا لم يوجد في البلد سكان، فإنه لا يقال له قرية، وإنما يقال: هذه أطلال ومساكن، ولا يقال لها قرية. وهكذا أجابوا بإجابات تفصيلية.
إذا تقرر هذا، فهل في لغة العرب مجاز، أو ليس في لغة العرب مجاز؟
أكثر الأصوليين، والبلاغيين على إثبات المجاز في لغة العرب، وقد أثبت المجاز في لغة العرب بعض من نفاه في القرآن، واستدلوا عليه بوجود ذلك في لغة العرب، وفي كلامهم، وحديثهم، وذهب جماعة إلى نفي وجود المجاز في لغة العرب، ومن أشهرهم أبو علي الفارسي، من كبار علماء اللغة، وأبو إسحاق الإسفراييني، من كبار الأصوليين، وقد اختاره شيخ الإسلام، ابن تيمية، كما ذكر المؤلف، واختاره ابن القيم -رحمه الله-، وخصص له ربع كتاب "الصواعق المرسلة"، وجعله من الطواغيت التي يستند إليها أهل العقائد الفاسدة.
واستدلوا على نفي المجاز في لغة العرب، بأن قالوا: إن كون اللفظ مجازا؛ معناه ترك للحقيقة، ومخالفة للصدق، والواقع، ولا يصح لأهل لغة أن يكون الكذب، وترك الصدق منهجا لهم في لغتهم.
واستدلوا عليه؛ بأن قالوا بأن تقسيم الألفاظ إلى: حقيقة، ومجاز، لم يوجد في العصور الأُوَل، ولو كان هذا التقسيم ثابتا، لتكلم به السلف، وتكلم به أهل اللغة، ولانتشر بينهم، ولعرفوه، ولكن هذا لم يوجد.
.................................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ

(١) - سورة يوسف آية : ٨٢.


الصفحة التالية
Icon