فكونه لم يصل إليه ذلك اللفظ بطريق صحيح حسبما يراه، سواء كان من جهة الدلالة أو من جهة السند فلم يُثبت الصفة؛ لذلك فإننا لا ننفي نسبته لأهل السنة والجماعة ؛ لأنه يوافقهم في الأصل، وأما أصحاب المناهج الأخرى والبدع المغايرة لأهل السنة والجماعة فإننا ننظر إلى المنهج الذي اعتمدوه ؛ ولذلك تجد بعضهم يقول في باب الصفات (المرجع إلى العقل) فما أثبته العقل أثبتُّه وما نفاه العقل نفيته، وما سكت عنه اختلفوا فيه على ثلاثة أقوال، فهذا منهج بدعي، وحينئذ نصف صاحبه بانتسابه إلى تلك البدعة.
قال المؤلف: (تذرعوا به إلى الإلحاد في الصفات) الإلحاد كما تقدم الميل عن الحق، (في الصفات) يعني في مباحث صفات الله سبحانه وتعالى، فقالوا بأن هذه الصفات ونصوص الصفات من باب المجاز ولا يراد بها الحقيقة، فمن خلال إثبات وجود المجاز في لغة العرب وفي القرآن الكريم قالوا: إن نصوص الصفات من باب المجاز، وليست من باب الحقيقة، فلما قال تعالى :﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥) ﴾ (١) قالوا : ليس المراد بالاستواء ظاهره، وإنما المراد به الاستيلاء، وهذا من مجاز اللغة، وهذا مجاز، فجاز لنا نفي صفة الاستواء بناء على ذلك.
وأنتم تعلمون أن مثل هذا يعتبر تأويلا باطلا ؛ لعدم قيام الدليل عليه، فليس جحدا للنص الذي وردت الصفة فيه، وأنتم تفرقون بين جحد النص والتكذيب به ورده وبين تأويله، ومن أمثلته أيضا ما ورد في النصوص من أنه سبحانه يتكلم متى شاء، ومن أنه سبحانه وتعالى يسمع الأمور أو المسموعات بعد حصولها ووجودها، ونحو ذلك مما لا يوافق عليه أصحابُ تلك العقائد الفاسدة.
.................................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ

(١) - سورة طه آية : ٥.


الصفحة التالية
Icon