وقد بين الله - عز وجل - أنه يضرب الأمثال من أجل أن يكون ذلك بيانا لأهل الإيمان وتوضيحا لمراده وتقريبا له إلى الأفهام، وإن كان فيه ابتلاء واختبار للعباد أيصدقون أو يكذبون وإن كان فيه أيضا فتنة لغير أهل الإسلام، وبين الله سبحانه وتعالى أنه لا يستحيي من ضرب الأمثال، وأن أهل الإيمان يقابلون هذه الأمثال بالتصديق والإيقان، وفي القرآن من الأمثال ما يمكن أن يستفاد منه في تعليل الأحكام ويستفاد منه في التفهيم والتوضيح للمسائل، ويستفاد منه في معرفة معاني القرآن على وفق مراد الله سبحانه وتعالى، ويستفاد منه أيضا حتى في تفسير الرؤى فإن الأمثلة القرآنية فيها إشارة إلى مثل ذلك.
................................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال :(أمثال القرآن) يعني ما في القرآن من أمثال :(من أعظم علم القرآن) وينبغي أن نلتفت إلى الممثِّل قبل أن نلتفت إلى المثَل أو الممثَّل به ؛ لأن المقصود هو الممثِّل. قال :(وعده الشافعي مما يجب على المجتهد معرفته) كأنه جعله شرطا من شروط الاجتهاد، وإن كان جَعْله شرطا فيه ما فيه.
(قد ضربها الله تذكيرا) يعني أن الفائدة من ضرب هذه الأمثال في القرآن هي التذكير والوعظ.
وكذلك فيه بيان المراد، وتوضيح كلام الله سبحانه وتعالى بجعل المعقول بصورة المحسوس؛ ولذلك نجد القرآن فيه ضرب الأمثلة في عدد من القضايا: في توحيد الألوهية في توحيد الأسماء والصفات في عذاب القبر في عذاب الآخرة، في الجنة والنار، وقد مثل الله - عز وجل - الحياة بمثابة الزرع الذي سقي من المطر ثم بعد ذلك يخضرّ ثم يصفرّ ثم تذروه الرياح، وهكذا الحياة تزول سريعا، فقرب له حقيقة الحياة من خلال مَثَل محسوس لهم يشاهدونه خصوصا أنهم يشاهدون الربيع في زمانهم، وهكذا بقية الأمثال.