قال :(والقسم لا يكون إلا بمعظَّم) يعني لا تقسم بشيء إلا إذا كان معظًَّما (وهو تعالى يقسم بنفسه المقدسة) كما في قوله سبحانه :﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ﴾ (١) أو يقسم بشيء من صفات، وكذلك يقسم سبحانه وتعالى بآياته، والآيات قد يكون المراد بها الآيات المسموعة التي هي صفة من صفاته، وقد يقسم سبحانه بآياته المخلوقة مثل الشمس والقمر والليل والنهار قال تعالى :﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (١) ﴾ (٢)وليُعلَم أن القسم بغير الله خاص به
................................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
سبحانه، فإن الله له أن يقسم بما شاء من خلقه، أما المخلوق فإنه لا يجوز له أن يقسم ويحلف إلا بالله سبحانه وتعالى، كما ورد في حديث ابن عمر :" من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك " في السنن، وفي الصحيح " من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ".
قوله :(بآياته المستلزمة لذاته) يعني أن الآيات المخلوقة دالة ومرشدة على الذات، وعلى صفات الله سبحانه وتعالى، فهذا الكلام المتقدم متعلق بالمقسم به، والمقسم به إما أن يكون هو الله، وإما أن يقسم الله بشيء من آياته، ثم بعد ذلك ذكر المؤلف المقسم عليه، مثال ذلك قوله سبحانه :﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) ﴾ (٣) هنا عندك أداة قسم، وهى الواو ﴿ فَوَرَبِّكَ ﴾ (٤) ومقسم به (ربك) ومقسم عليه وهو الخبر الذي يراد تحقيقه، وهو قوله :﴿ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩٣) ﴾ (٥).

(١) - سورة مريم آية : ٦٨.
(٢) - سورة الشمس آية : ١.
(٣) - سورة الحجر آية : ٩٢.
(٤) - سورة الحجر آية : ٩٢.
(٥) - سورة الحجر آية : ٩٢-٩٣.


الصفحة التالية
Icon