ـــــــــــــــــــــــ
معرفا أو منكرا، ففرق بين النكرة في سياق النفي التي تفيد العموم وبين المعرفة في سياق النفي التي لا تفيده، وهكذا.
قال المؤلف: والخطاب بالاسم والفعل يعني أن المفسر عليه أن يعرف نوع الخطاب، وهل هو اسم أو فعل؛ فإن الكلمة يختلف مدلولها لاختلاف كونها اسما أو فعلا، وأولى ما يرجع في غريبه -يعني أحسن وأفضل المراجع التي نرجع إليها في معرفة معاني غريب- تفسير ابن عباس وغيره -يعني من الصحابة- كان الأولى بالمؤلف أن يذكر أن أولى ما يرجع في الغريب إلى القرآن نفسه في مواطن أخرى وإلى السنة، والطريق الثالث تفسير الصحابة -على ما تقدم سابقا في طرق التفسير في فصل تقدم- وكذلك يرجع إلى دواوين العرب؛ لأن القرآن نزل بلغة العرب، فإذا أردنا أن نعرف معانيه فعلينا أن نرجع إلى لغة العرب، قال -تعالى-: ﴿ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا ﴾ (١) ﴿ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (١٩٥) ﴾ (٢).
فإن قال قائل: إن القرآن فيه ألفاظ غير عربية، ألا يرجع إلى معاجم تلك اللغات التي وجد في القرآن ألفاظ منها، مثل لفظة "ناشئة" "بستان" "مشكاة"؟ فيقال: هذه الكلمات دخلت في لغة العرب، واستعملها العرب، فأصبحت جزءا من لغتهم، وحينئذ إذا رجعنا إلى دواوين العرب عرفنا معاني هذه الألفاظ، على أنه يمكن أن تستعمل تلك الألفاظ في تلك اللغات بمعنى أخص مما يستعمله العرب، أو أشمل، أو يغاير ما يستعمله العرب؛ فحينئذ فالرجوع إلى ما استعمال العرب لهذه الكلمة، ما هو مرادهم بهذه الكلمة؟ فلا نلتفت إلى معنى الكلمة في تلك اللغات، وإنما نلتفت إلى معنى هذه الكلمة في لغة العرب.

(١) - سورة الزخرف آية : ٣.
(٢) - سورة الشعراء آية : ١٩٥.


الصفحة التالية
Icon