وكذلك يكون بخشوع، فتخشع جوارحه عن الحركة، ويخشع قلبه عن التفكر، فإن ذلك أدعى إلى معرفة معاني القرآن والتدبر فيه، وحضور قلب وتفكر وتفهم، وقد وردت النصوص بالأمر بالتدبر: ﴿ ںxsùr& tbrمچ­/y‰tFtƒ tb#uنِچà)ّ٩$# ﴾ (١) ﴿ ë="tGد. çm"oYّ٩t"Rr& y٧ّ‹s٩خ) ش٨tچ"t٦مB (#ےrمچ­/£‰u‹دj٩ ¾دmدG"tƒ#uن ﴾ (٢) ؛ لهذا " كان النبي - ﷺ - يقرأ قراءة مترسلة، إذا مر بآية رحمة سأل، وإذا مر بآية عذاب تعوذ " كما في حديث حذيفة، ولما قرأ ابن مسعود على النبي - ﷺ - سورة النساء بكى - ﷺ - وذرفت عيناه؛ فإن القراءة إذا كانت بتحسين بالصوت بترنم وخشوع وحضور قلب فإن تلفظ المرء بقراءة القرآن، وحينئذ تنفذ إلى الأسماع، وحينئذ تنفذ المعاني إلى القلوب، وتنفذ بمعنى تدخل، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: في تفسير قول النبي - ﷺ - " زينوا القرآن بأصواتكم " أن تزيين القرآن بالصوت هو تحسين الصوت والترنم بخشوع، وحضور قلب.
وليس المراد بهذا الحديث - " زينوا القرآن بأصواتكم " - صرف الهمة إلى أمور غير مشروعة تكون سببا في حجب الناس عن التفكر في معاني القرآن، لا صرف الهمة إلى ما حجب عنه أكثر الناس عن تدبر القرآن وتفهمه من الوسوسة في خروج الحروف، من مواضعها وظهورها وتميزها، فيفكر في طريقة إخراج الحرف ولا يفكر في معنى ما يقرأه، ويفكر في الترقيق والتفخيم، والإمالة ولا يفكر في المعاني، والترقيق ضد التفخيم، ويراد به إغلاق الفم قليلا بالحرف، بخلاف التفخيم فهو فتح الفم بالحرف وتحريك وسط الكلمة، وأما الإمالة فأن يجعل الفتحة قريبة من الكسرة، ويجعل الألف قريبا من الياء، فيقول مثلا في "موسى": "موسي".

(١) - سورة النساء آية : ٨٢.
(٢) - سورة ص آية : ٢٩.


الصفحة التالية
Icon