وقول بعضهم: إنه لم يحفظه إلا أربعة، وورد في بعض الألفاظ: لم يجمع القرآن في عهد النبوة إلا أربعة، معناه: أن هؤلاء هم الذين كانوا يتولون إقراء القرآن للناس، فكان الناس يرجعون إليهم في إقراء القرآن، وليس المرد به أنه لم يحفظه إلا هؤلاء الأربعة فقط.
هذه الصحف التي كتبها زيد بن ثابت بقيت عند أبي بكر حياته، ثم أخذها عمر بن الخطاب -رضي الله عنه، ثم بعد ذلك كانت عند حفصة بنت عمر أم المؤمنين -رضي الله عنها، فلما عهد عثمان كان الناس يتداولون صحفا مختلفة متفرقة، وهذه الصحف تختلف فيها اللهجات وفيها قراءات شاذة، فحينئذ خُشي من اختلاف الناس وعدم انضباط أمورهم.
.................................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فجاء حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - إلى عثمان وقد أفزعه اختلاف الناس في القراءة، فأشار عليه بكتابة المصحف، بحيث يكتب من الصحف التي كتبها أبو بكر نُسخا أخرى توزع على البلدان فيعتمدها الناس، فكتبت هذه النسخ وأرسلت إلى الأفاق، أرسل إلى كل أفق من الأفاق بمصحف.
وليس معناه أن القرآن لم يكن موجودا إلا في هذه المصاحف، بل الناس كانوا يحفظون القرآن، وكانوا قد دونوه في صحفهم، ولكن كما تقدم أن بعضهم لديه قراءة شاذة، وبعضهم يقرأه باختلاف اللهجات، وحينئذ خشي من اختلاف الناس فكتبت هذه المصاحف.
قال المؤلف: "والجمهور أنه مشتمل على ما يحتمله رسمها ومتضمنتها العرضة الأخيرة" يعني: أن جمهور أهل العلم يرون أن هذا المصحف العثماني قد اشتمل على جميع الأحرف السبعة باحتمال رسمه، فرسم مصحف عثمان يحتمل القراءات المتعددة، ومن هنا قرر الفقهاء بأن كل قراءة تخرج عن مصحف عثمان فإنها قراءة شاذة.