ومعرفة الحكم والعلل يفيدنا في مسائل القياس، ويفيدنا أيضا في الثبات على الحكم، ومعرفة فضل الله - عز وجل - علينا بأحكام الشريعة، ومن فوائد معرفة أسباب النزول أيضا أن صورة السبب التي نزل النص من أجلها تدخل في النص دخولا قطعيا، فلا يصح استثناؤها أو تخصيصها.
فإذا نزلت الآية العامة في سبب خاص فإنه حينئذ لا يصح لنا أن نخرج هذا السبب الخاص من عموم الآية ولا نخصصه بدليل آخر، فإن صورة السبب قطعية الدخول في اللفظ العام، ولكن العبرة بعموم اللفظ فلا يصح أن نخصص اللفظ العام بسبب وروده على سبب خاص.
.................................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويدل على ذلك أن كثيرا من آيات القرآن والسنة نزلت في أسباب خاصة بألفاظ عامة، ومع ذلك أنزلها الصحابة على عمومها، ومن أمثلة ذلك حادثة اللعان بين الزوج وزوجته، فإنها نزلت في قصة عويمر العجلاني، ومع ذلك فالسبب خاص، إلا أننا نحكم عليه بحكم عام.
وكذلك أيضا في حكم المظاهر لزوجته فإنها نزلت في قصة خاصة، فلا يصح لنا أن نخصص هذا العام ونجعله خاصا بصورة السبب؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وكذلك بقية الأحكام.
العام والخاص
عامه وخاصه : العام أقسام : منه الباقي على عمومه كـ ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ ﴾ (١) والعام المراد به الخصوص كـ ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ ﴾ (٢) والثالث العام المخصوص وهو كثير إذ ما من عام إلا وقد خص، والمخصص إما متصل وهو خمسة، أحدها الاستثناء، والمنفصل كآية أخرى أو حديث أو إجماع، ومن خاص القرآن ما كان مخصصا لعموم السنة كـ " حتى يعطوا الجزية " خص " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ

(١) - سورة النساء آية : ٢٣.
(٢) - سورة آل عمران آية : ١٧٣.


الصفحة التالية
Icon