الذي يخالف منهج السلف، والذي رده المؤلف بقوله: " وتمر كما جاءت". قوله هنا: "دالة على ما فيها من المعاني"، فيه الرد على المفوضة، الذين يقولون: نؤمن بحقيقة هذه الألفاظ، لكننا لا نعرف المراد بها، فنفوض معانيها إلى الله.
فنقول: هذا خلاف مقتضى اللغة، فإن اللغة، قد دلت على أن مقتضى هذه الألفاظ مثبتة للمعاني، المتضمنة لها، والصفات التي احتوتها هذه الألفاظ، فحينئذ نؤمن بما فيها، قال المؤلف هنا: "لا تحرف"، التحريف: هو الميل بالشيء. يقال: انحرف عن الشيء؛ يعني مال عنه، والمراد به هنا التبديل، والتحريف قد يكون في المعاني،
وقد تكون في الألفاظ، فالتحريف في المعاني؛ بتفسيرها على غير مقتضاها في اللغة، بدون دليل شرعي، مثل تفسير "استوى"، "واستولى".
والنوع الثاني من أنواع التحريف: التحريف اللفظي، وهذا ينقسم إلى قسمين: تحريف في الحروف؛ بتبديل الكلمات، أو بعض الحروف، كما قيل لهم: قولوا حطة، قالوا: حنطة، فزادوا حروفا، أو بتبديل الكلمات؛ كفعل اليهود والنصارى في تبديل الإنجيل والتوراة، وقد يكون التحريف اللفظي في إبدال الحركات، مع إبقاء الحروف، كما في قوله سبحانه: ﴿ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى ﴾ (١) فقال بعضهم: ﴿ وَكَلَّمَ اللَّهُ ﴾ (٢) بالنصب حتى يكون الله هو المكلَّم، لا المكلِّم.
قال المؤلف: "ولا يلحد أحد"، اللحد: الميل عن الطريق المستقيم، لذلك لحد القبر، لأنه قد ميل بطرفه عن أصل حفرته، وآيات الصفات لا يلحد فيها، والإلحاد فيها يتضمن أمورا:
أولها: إنكارها، فإنكار أدلة الصفات من القرآن، والسنة، يعتبر إلحادا.
والثاني: من معاني الإلحاد: تفسيرها بغير المراد بها.
والنوع الثالث: من أنواع الإلحاد: عدم جعلها دالة على معانيها؛ بتفويض معانيها إلى الله، وعدم إثبات معناها اللغوي بناء عليها.

(١) - سورة النساء آية : ١٦٤.
(٢) - سورة النساء آية : ١٦٤.


الصفحة التالية
Icon