غيره من البشر ظاهر فاكتفى في نفيهما بنفى القول، إذا غير الدعوى فيهما لا يتصور في نفس الأمر، ولا في زعم الناس بخلاف علم الغيب فافترقا، والمراد بقوله: (لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ)
أي لا أدعي الألوهية كذا قال بعض المفسرين.
* * *
فإن قيل: في قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) كيف ذكر سبيل المجرمين، ولم يذكر سبيل المؤمنين، وكلاهما محتاج إلى بيانه؟
(الأول) أنه إذا ظهر سبيل المجرمين ظهر سبيل المؤمنين أيضاً.
قلنا: بالضرورة أن السبيل سبيلان لا غير، الثاني: أن سبيل المؤمنين يراد تقديراً، وإنما حذف اختصاراً لدلالة المذكوره عليه، كما في قوله تعالى: (سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) أي والبرد.
* * *
فإن قيل: كيف قال تعالى: (وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ)
اى ماكسبتم وهو يعلم ما جرحوا ليلا ونهاراً؟
قلنا: لأن الكسب أكثر ما يكون بالنهار، لأنه زمان حركة الإنسان، والليل زمان سكونه لقوله تعالى: (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) بعد قوله: (مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ).