والرسل إنما كانت من الانس خاصة؟
قلنا: المراد برسل الجن هم الذين سمعوا القرآن من النبى عليه الصلاة السلام ثم ولوا إلى قومهم منذرين كما قال الله تعالى: (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ... الأية).
الثاني أنه كقوله تعالى: (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ)
والمراد من أحدها لأنه إنما يخرج من الملح، الثالث: أنه بعث إليهم رسول منهم قاله الضحاك ومقاتل.
* * *
فإن قيل: كيف كرر ذكر شهادتهم على أنفسهم في قوله تعالى: (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ... الآية) والمعنى فيهما واحد؟
قلنا: المعنى في المشهود به متعدد، وإن كان في الشهادة واحدا، لأنهم في الأولى شهدوا على أنفسهم بتبليغ الرسل وانذارهم، وفى الثانية شهدوا على أنفسهم بالكفر في الدنيا وهما متغايران.
* * *
فإن قيل: كيف أقروا في هذه الآية بالكفر وشهدوا على أنفسهم به وجحدوه في قولهم: (وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ) ؟
قلنا: مواقف القيامة ومواطنها مختلفة، ففى بعضها يقرون وفى بعضها يجحلون، أو يكون المراد هنا شهادة أعضائهم عليهم حين بختم على أفواههم كما قال تعالى: (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ).


الصفحة التالية
Icon