الكفر إلى وقت الموت.
* * *
فإن قيل: ما فائدة تكرار المعنى الواحد في مقاومة الجماعة لأكثر منها قبل التخفيف وبعده في قوله تعالى: (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) إلى قوله: (وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) ؟
قلنا: فائدته الدلالة على أن الحال مع القلة والكثرة واحد لا يتفاوت، بل كما ينصر الله تعالى العشرين على المائتين، ينصر المائة على الألف، وكما ينصر المائة على المائتين ينصر الألف على الألفين.
* * *
فإن قيل: كيف أخبر الله تعالى عن هذه الغلبة ونحن نشاهد الأمر بخلافها فإن المائة من الكفار قد تغلب المائة من المسلمين، بل المائتين في بعض الأحوال؟
قلنا: إنما أخبر الله تعالى عن هذه الغلبة بشرط الصبر، الذي هو الثبات في مواقف الحرب أو الذي هو الموافقة بين المسلمين ظاهراً وباطناً، فمتى وجد الشرط تحققت الغلبة للمسلمين مع قلتهم لامحالة، ولقائل أن يقول: إن هذه الغلبة مخصوصة بطائفة كان النبى عليه الصلاة والسلام أحدهم وسياق الآية يدل عليه.
* * *
فإن قيل: كيف قال تعالى: (وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ)
مع أنه أراد الدنيا أيضا، لأنه لولا إرادته إياها لما وجدت، فما فائدة هذا التخصيص؟
قلنا: المراد بالإرادة هنا الاختيار والمحبة لا إرادة الوجود والكون، فالمعنى تحبون عرض الدنيا وتختارونه، والله يختار ما هو سبب الجنة، وهو إعزاز الإسلام بالإسخان في القتل.