تلك المقدمة المذكورة للتقبيح والتهجين.
* * *
فإن قيل: قوله تعالى: (أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) حبوط العمل إن كان عبارة عن بطلان ثوابه، فذلك إنما يكون في الآخرة، وإن كان عبارة عن بطلان منفعته فاعمال المنافقين في الدنيا ليست باطلة المنفعة، لأنهم ينتفعون بها في حقن دمائهم وأموالهم، وجريان أحكام المسلمين عليهم؟
قلنا: المراد بالأعمال إن كان نوعى أعمالهم الدينية والدنيوية، فالحابط في الدنيا راجع إلى أعمالهم الدنيوية وهى كيدهم ومكرهم وخداعهم ونفاقهم (الذى) كانوا يقصدون به اطفاء نور الله تعالى، ودفع آياته وبيناته.
(وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)
فلم ينالوا من ذلك ما أملوه وقدموه من ابطال دين الله تعالى، وستر نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، والحبوط في الآخرة راجع إلى أعمالهم الدينية وهى عباداتهم وطاعاتهم، لأنهم فعلوها نفاقا ورياء، فبطل ثوابها في الآخرة، وإن المراد بأعمالهم مجرد الأعمال
الدينية، فحبوطها في الدنيا هو عدم قبولها، لأن الله تعالى يقبل العبادة في الدنيا ثم يثيب عليها في الآخرة، فالمراد بحبوطها في الدنيا عدم قبولها، وعدم اطلاق الأسماء الشريفة عليها كالعبادة