عالم بعملهم حالا ومآلا؟
قلنا: معناه سيعلمه واقعا موجودا كما علمه غيبا، لأن الله تعالى يعلم كل شىء على ما هو عليه، فيعلم المنتظر منتظرا، ويعلم الواقع واقعا، وأما في حق الرسول ﷺ فهو على ظاهره.
* * *
فإن قيل: إن كان الله تعالى قد وصف العرب بالجهل في القرآن بقوله تعالى: (وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ)
فكيف يصر الاحتجاج بألفاظهم وأشعارهم على كتاب الله تعالى وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام؟
قلنا: هذا وصف من الله تعالى لهم بالجهل في أحكام القرآن لا في ألفاظه، ونحن لا نحتج بلغتهم في بيان الأحكام، بل نحتج بلغتهم في بيان معانى الألفاظ، لأن القرآن والسنة جاءا بلغتهم.
* * *
فإن قيل: كيف قال تعالى هنا في صفة المنافقين: (مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ)
وقال في موضع آخر: (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) ؟
قلنا: هذه الآية نزلت قبل تلك الآية فلا تناقض، لأنه نفى علمه بهم في زمان ثم أثبته بعد ذلك في زمان آخر.
* * *
فإن قيل: قوله تعالى: (خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا) قد جعل كل واحد منهما مخلوطا فأين المخلوط به؟
قلنا: كل واحد منهما مخلوط ومخلوط به، لأن معناه خلطوا كل