الثانى: أن (فى) أعم وأشمل لأنها تتناول كل دابة على وجه الأرض، وكل دبة في باطن الأرض بخلاف (على).
* * *
فإن قيل: كيف خص تعالى الدابة بذكر ضمان الرزق، والطير كذلك رزقه على الله تعالى، وهو غير الدابة بدليل قوله تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ) ؟
قلنا: إنما خص الدابة بالذكر لأن الدواب أكثر من الطيور عدداً، وفيها ما هو أكبر جثة من كل فرد من أفراد الطير كالفيل والحوت، فيكون أحوج إلى الرزق فلذلك خصه بالذكر.
* * *
فإن قيل: كيف قال تعالى: (إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا) وعلى
للوجوب، والله تعالى لا يجب عليه شىء، وإنما يرزقها تفضلاً وكرماً؟
قلنا: (على) هنا بمعنى من، كما في قوله تعالى: (الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ).
الثانى: أنه ذكره بصيغة الوجوب ليحصل للعبد زيادة سكون وطمأنينة في حصوله.
* * *
فإن قيل: كيف قال تعالى: (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا)
والخطاب عام للمؤمنين والكافرين، فإنه امتحن الفريقين بالأمر بالطاعة والنهى عن المعصية، وأعمال الكافرين هى التى تتفاوت إلى حسن وأحسن، فأما اعمال الفريقين فتفاوتهما إلى حسن وقبيح؟