آخر، فجيء بواو الابتداء، وفى قصة هود عليه الصلاة والسلام لم يقح بينهما فصل، فلم يحتج إلى واو الابتداء، هذا ما وقع لي فيه، والله تعالى أعلم.
* * *
فإن قيل: قوله تعالى: (لاعَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ) لا يناسبه المستثنى في الظاهر، وهو قوله: (إِلَّا مَنْ رَحِمَ) لأن المرحوم معصوم فظاهره يقتضى لا معصوم إلا من رحم، أي لا مععوم من الغرق بالطوفان إلا من رحمه الله بالانجاء في السفينة؟
قلنا: عاصم هنا بمعنى معصوم كقوله تعالى: (من مآء دافق) أي مدفوق، وقوله: (فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ) أي مرضية، وقول العرب:
سر كاتم أي مكتوم.
الثانى: أن معناه لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم أي إلا الراحم، وهو الله تعالى، وليس معناه إلا المرحوم.
فكأنه قال: لا عاصم إلا الله، الثالث: أن معناه لا عاصم اليوم من أمر الله إلا مكان من رحم الله من المؤمنين ونجاهم، وهو السفينة.
ويناسب هذا الوجه قوله تعالى: (وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)، وهذا لأن ابن نوح لما جعل الجبل عاصما من الماء رد نوح عليه الصلاة والسلام عليه ذلك، ودله على العاصم وهو الله تعالى، أو المكان الذي أمر الله بالالتجاء إليه وهو السفينة.