فإن قيل: كيف قال تعالى: (إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ)
والقرى لا تكون ظالمة، لأن الظلم من صفات من يعقل أو من صفات الحيوان دون الجماد؟
قلنا: هو من الاسناد المجازى، والمراد به أهلها، كما قال تعالى في موضع آخر: (رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا)
لكن لما أمن اللبس أسند الظلم إلى القرية لفظا كما في قوله
تعالى: (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ).
* * *
فإن قيل: كيف توفيق بين قوله تعالى: (يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ) وقوله: (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَ)
وقوله: (هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (٣٥) وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) فإن الآية الثالثة تناقض الآية الأولى بنفى الأذن، وتناقض الآيتين جميعا بنفى النطق؟
قلنا: أما التوفيق بين الآيتين الأوليين فظاهر، لأن معناه تجادل عن نفسها بإذنه فتوافقت الآيتان، وأما الآية الثالثة فإنها لا تناقض الآية الأولى بنفى الإذن إن قلنا إن الاستثناء من النفى ليس بإثبات لأن الآية الأولى لا تقتضى وجود الإذن حينئذ بل تقتضى نفى