بالذكر الأول الجمع بين الصلاتين بمزدلفة، وبالثاني الدعاء بعد الفجر بها فلا تكرار.
* * *
فإن قيل: كيف قال: (فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (١٩٨) ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ).
وأراد به الإفاضة من عرفات بلا خلاف، وبعد المجيء إلى مزدلفة والذكر فيها مرتين كما فسرنا كيف يفيضون من عرفات؟
قلنا: فيه تقديم وتأخير وتقديره: من ربكم ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس، فإذ أفضتم من عرفات.
* * *
فإن قيل: كيف قال: (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ). ومعلوم أن المتعجل التارك بعض الرمى إذا لم يكن عليه إثم لا يكون على المتأخر الآتى بالرمى كاملاً.
قلنا: كان أهل الجاهلية فريقين منهم من جعل المتعجل آثماً، ومنهم
من جعل المتأخر آثماً فأخبر الله تعالى بنفى الإثم عنهما جميعاً أو معناه لا إثم على المتأخر في ترك الأخذ بالرخصة، مع أن الله يحب أن تؤتى رخصه كما تؤتى عزائمه، أو معناه أن انتفاء الإثم عنهما موقوف على التقوى لا على مجرد الرخصة أو العزيمة في الرمى، ثم قيل: المراد به تقوى المعاصى في الحج.
وقيل: تقوى المعاصى بعد الحج في بقية العمر بالوفاء بما عاهد الله