" إن القبر إما روضة من رياض الجنان أو حفرة من حفر النار " ومن كان في روضة من رياض الجنة فهو في الجنة، ومن كان في حفرة من حفر النار فهو في النار، فعلى هذا يكون المراد بالتأقيت بدوام السموات والأرض مدة الخلود إلى يوم ألقيامة، الرابع: أن المراد به سموات الآخرة وأرضها قال تعالى: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ) وتلك دائمة لا تزول، ولا تفنى.
ولأنه لابد لأهل الجنة مما يظلهم ويقلهم، إما سماء يخلقها الله تعالى أو العرش كما جاء في الأخبار أن أهل الجنة تحت ظل العرش، وكل ما أظلك فهو سماء، وجاء في الأخبار أيضا في صفة الجنة: أن ترابها زعغران، فدل على أن لها أرضا، فالمراد تلك السماء وتلك الأرض.
* * *
فإن قيل: إذا كان المراد بهذا التأقيت دوام الخلود دواما لا آخر له، فكيف يصح الاستثناء في قوله تعالى: (إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ) ؟
قلنا: قال الفراء (إلا) هنا بمعنى غير وسوى فمعناه: خالدين فيها ما دامت السموات والأرض سوى ما شاء الله تعالى من الخلود والزيادة، فكأنه قال: خالدين فيها قدر مدة الدنيا غير ما شاء الله تعالى من الزيادة عليها إلى غير نهاية، وهذا الوجه إنما يصح إذا كان المراد
سموات الدنيا وأرضها، قال ابن قتيبة: ومثله في الكلام قولك