مع أن من المؤمنين من ييأس من روح الله أي من فرجه وتنفيسه أو من رحمته على اختلاف
القولين، إما لشدة مصيبته أو لكثرة ذنوبه، كما جاء في الحديث في قصة الذي أمر أهله إذا مات أن يحرقوه، ويذروا رماده في البر والبحر، ففعلوا به ذلك ثم أن الله تعالى غفر له كما جاء مشروحاً في الحديث المشهور، وهو من الصحاح مع أنه يأس من رحمة الله تعالى، وضم إلى يأسه ذنبا آخر وهو اعتقاده أنه إذا أحرق وذرى رماده لا يقدر الله تعالى على إحيائه وتعذيبه، ومع هذا كله
غفر له فدل أنه لم يمت كافرا؟
قلنا: إنما ييأس من روح الله الكافر لا المسلم عملا بظاهر الآية، وكل مؤمن يتحقق منه الأياس من روح الله فهو كافر في الحال حتى يعود إلى الإسلام بعوده إلى رجاء روح ألله، وأما الرجل المغفور له في الحديث فلا نسلم أنه لم يكفر ثم أن الله تعالى لما أحياه في الدنيا عاد إلى الإسلام بعوده إلى رجاء روح الله تعالى، فلذلك غفر
له أو يكون قد عاد إلى رجاء روح الله تعالى قبل موتته الأولى ولم يتسع له الزمان أن يرجع عن وصيته التى أوصى أهله بها فمات مسلما فلذلك غفر له.
* * *
فإن قيل: كيف ذكر يوسف عليه الصلاة والسلام نعمة الله تعالى عليه في إخراجه من السجن فقال: (وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ) ولم يذكر نعمته عليه فى


الصفحة التالية
Icon