وكذا باقى الايات في خطاب الفريقين إذا تتبعتها، وما
ذلك إلا للتفرقة بين الخطابين لئلا يسوى بين الفريقين في الوعد، مع اختلاف رتبتهما، لا لأنه يغفر للكفار مع بقائهم على الكفر بعض ذنوبهم، والذى يؤيد ما ذكرناه من العلة أنه في سورة نوح عليه الصلاة والسلام، وفى سورة الأحقاف وعدهم مغفرة بعض الذنوب
بشرط الإيمان (لا مطلقاً) وقيل: معنى التبعيض أنه يغفر لهم ما بينهم وبينه، لا ما بينهم وبين العباد من المظالم ونحوها، وقيل: من زائدة.
* * *
فإن قيل: كيف كرر تعالى الأمر بالتوكل وكيف قال أولا: (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) وقال ثانيا: (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) ؟
قلنا: الأمر الأول لاستحداث التوكل، والثانى: لتثبيت المتوكلين على ما استحدثوا من توكلهم فلهذا كرره، وقالى أولاً المؤمنون، وثانيا المتوكلون.
* * *
فإن قيل: كيف قالوا لرسلهم: (أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا) والرسل لم يكونوا على ملة الكفار قط، والعود هو الرجوع إلى ما كان فيه الإنسان؟
قلنا: العود في كلام العرب يستعمل كثيراً بمعنى الصيرورة، يقولون


الصفحة التالية
Icon