فأنزل الله تعالى بعد ذلك قصة ضيف إبراهيم عليه الصلاة والسلام (ليزول خوف الصحابة، وتسكن قلوبهم، فإن ضيف إبراهيم)
جاءوا ببشارة للولى وهو إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وعقوبة للعدو وهم قوم لوط عليه الصلاة والسلام، فكذلك تنزيل الآيتين المقدمتين على الولى والعدو لا على الولى وحده، الثانى: أن وجه الارتباط أن العبد وإن كان كثير الذنوب والخطايا غير طامع في المغفرة، لا يبعد أن يغفر الله تعالى له على يأسه، كما رزق إبراهيم
الولد على يأسه بعد ما شاخ وبلغ مائة سنة أو قريباً منها.
* * *
فإن قيل: كيف قالت الملائكة:
(قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ) أي قضينا، والقضاء لله تعالى لا لهم؟
قلنا: هو مجاز كما يقول خواص الملك دبرنا كذا أو أمرنا بكذا أو نهينا عن كذا، ويكون الفاعل لجميع ذلك هو الملك لا هم، وإنما يظهرون بذلك مزيد قربهم واختصاصهم بالملك.
* * *
فإن قيل: كيف قال تعالى: (وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ) وأصحاب الحجر قوم صالح، والحجر اسم واديهم أو مدينتهم على اختلاف القولين، وقوم صالح لم يرسل إليهم غير صالح فكيف يكذبونهم؟
قلنا: من كذب رسولاً واحدا فكأنما كذب الكل لأن كل الرسل متفقون في دعوة الناس إلى توحيد الله تعالى.


الصفحة التالية
Icon