قلنا: إنما أراد به الآية التى كانت مشتركة بينهما ولم يتم إلا بهها، وهى ولادة ولد من غير فحل، بخلاف الليل والنهار والشمس والقمر، الثانى: أن لفظ الآية الأخرى محذوفة إيجازاً واختصاراً تقديره: وجعلناها آية وابنها آية، وجعلنا ابن مريم آية وأمه آية.
* * *
فإن قيل: كيف قال تعالى (وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً)
(والإبصار) من صفات ما له حياة، والمراد بآية النهار إما
الشمس أو النهار نفسه وكلاهما غير مبصرة؟
قلنا: المبصرة في اللغة بمعنى المضيئة، نقله الجوهرى وقال غيره:
معناه بينة واضحة مضيئة، ومنه قوله تعالى: (وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً) أي آية واضحة مضيئة وقوله تعالى: (فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً) الثانى: معناه مبصراً بها إن كانت الشمس أو فيها إن كانت النهار، ومنه قوله تعالى: (وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا) أي مبصراً فيه ونظيره قولهم ليل نائم ونهار صائم أي ينام فيه ويصام فيه، الثالث: أنه فعل رباعى منقول بالهمزة عن الثلاثى الذي هو بصر بالشي أي علم به فهو بصير أي عالم معناه أنها تجعلهم بصراء
فيكون أبصره، بمعنى بصره، وعلى هذا حمل الأخفش قوله تعالى: (فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً) أي تبصرهم فتجعلهم بصراء، الرابع: أن بعض الناس زعم أن الشمس حيوان له حياة وبصر


الصفحة التالية
Icon