قلنا: معناه لقد علمت لو نظرت نظراً صحيحاً أو لقد علمت نظراً إلى الحجة والبرهان ولكنك معاند مكابر تخشى فوات دعوى الألهية لو صدقتنى، فكان فرعون ممن أضله الله على علم، ولهذا بلغ ابن عباس قراءة على رضى الله عنهما ويمينه فاستدل بقوله تعالى: (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا).
* * *
فإن قيل: كيف قال موسى عليه الصلاة والسلام: (وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا) وموسى كان عالماً بذلك لا شك عنده فيه؟
قلنا: قال أكثر المفسرين: الظن هنا بمعنى العلم، كما في قوله تعالى: (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ) وإنما أوتى بلفظ الظن ليعارض ظن فرعون بظنه، كأنه قال إن ظننتنى مسحوراً فأنا أظننك مثبوراً، والمثبور الهالك والمصروف عن الخير أو الملعون أو الخاسر.
* * *
فإن قيل: كيف كرر تعالى الإخبار بالخرور الحالين، وهما خروجهم في حال كونهم ساجدين، وفى حال كونهم باكيين؟
قلنا: إنه أراد بالخرور الأول ألخرور في حال سماع القرآن أو قراءته، وبالخرور الثانى: الخرور في سائر الحالات وباقيها.
* * *
فإن قيل: الحمد إنما يكون على نعمة أنعم الله بها على العبد كما في قوله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ)


الصفحة التالية
Icon