وستين مرة، وقيل مائة وخمسين مرة، وقيل مائة وعشرون مرة، فكيف تسعها عين في الأرض حتى أخبر الله تعالى عن ذى القرنين أن: (وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ) أو "حامية " على اختلاف القراءتين؟
قلنا: المراد بقوله تعالى: "وجدها" أي في زعمه وظنه، كما يرى راكب البحر إذا لجج فيه وغابت عنه الأطراف والسواحل أن الشمس تطلع من البحر وتغرب فيه فذو القرنين انتهى إلى آخر البنيان في جهة الغرب فوجد عيناً حمئة واسعة عظيمة فظن أن الشمس تغرب فيها.
* * *
فإن قيل: ذو القرنين كان نبياً أو تقياً حكيماً على اختلاف القولين، فكيف خفى عليه هذا حتى وقع في ظن المستحيل الذي لا يقبله العقل؟
قلنا: الأنبياء والأولياء والحكماء ليسوا معصومين عن ظن الغلط والخطأ، وإن كانوا معصومين عن كبائر الذنوب ألا ترى إلى ظن موسى عليه الصلاة والسلام فيما انكره على الخضر عليه الصلاة والسلام في القضايا الثلاث، وظنه أنه يرى الله تعالى في الدنيا.
وهو من كبار الأنبياء، وكذلك يونس عليه الصلاة والسلام على ما أخبر الله تعالى عنه بقوله: (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ) وكان الواقع بخلاف ظنه، الثانى: أن الله تعالى قادر على تصغير جرم الشمس وتوسيع العين الحميئة وكرة الأرض، بحيث تسع عين الماء عين الشمس فلم لا يجوز أن يكون قد وقع ذلك، ولم نعلم به لقصور علمنا عن


الصفحة التالية
Icon