أى ولداً صالحاً، فلما بشره الله تعالى به بقوله: (يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ... الآية) استبعد ذلك وتعجب منه وأنكره
بقوله: (أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ... الآية) ؟
قلنا: لم يكن ذلك عن طريق الإنكار والاستبعاد، بل ليجاب بما أجيب به فيزداد الموقنون إيقاناً ويرتدع المبطلون، والا فمعتقد زكريا أولا وأخراً كان على منهاج واحد في أن الله تعالى غنى عن
الأسباب، الثانى: أنه قالى ذلك تعجب فرح وسرو لا تعجب إنكار واستبعاد، الثالث: قيل: إنه قال ذلك استفهاماً عن الحالة التى يهبه الله تعالى فيها الولد، أيهبه في حالة الشيخوخة أم يرده إلى حالة الشباب ثم يهبه، ولكن هذا الجواب لا يناسبه ما أجيب به زكريا عليه الصلاة والسلام بعد استفهامه.
* * *
فإن قيل: كيف طلب العلامة على وجود الولد بعد ما بشره الله تعالى به، أكان عنده شك بعد بشارة الله تعالى في وجوده حتى طلب العلامة؟
قلنا: إنما طلب العلامة على وجود الحمل ليبادر إلى الشكر، ويتعجل السرور، فإن الحمل لا يظهر في أول العلوق بل بعد مدة.
فأراد معرفته أول ما يوجد، فجعل الله تعالى آية وجود الحمل عجزه عن الكلام، وهو سوي الجوارح ما به خرس ولا بكم.
* * *
فإن قيل: كيف قالت: (إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا)