تكلمه بعد النذر بالسكوت بقول:

(فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا الآية) وذلك خلف في النذر؟
قلنا: إنما أمرها بذلك لأنه تمام نذرها، فإنها لم تكن مأمورة بنذر مطلق السكوت حتى يندرج فيه الكف عن الذكر والتسبيح والدعاء ونحوها، بل بنذر السكوت عن تكليم الإنسى، وإذا كان تمام نذرها بقولها: (فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا) لا تكون مكلمة للإنسى بعد تمام النذر.
* * *
فإن قيل: كيف قال تعالى: (نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا) وكل واحد كان في المهد صبياً؟
قلنا: كان هنا زائدة وصبياً منصوب على الحال، لا على أنه خبر كان، تقديره كيف نكلم من في المهد في حال صباه، وقيل: كان بمعنى وقع ووجد (صبياً) منصوباً على الوجه الذي مر.
* * *
فإن قيل: خطاب التكليف في جميع الشرائع إنما يكون بعد البلوغ أو بعد التمييز والقدرة على فعل المأمور به، وعيسى عليه الصلاة والسلام كان رضيعاً في المهد، فكيف خوطب بالصلاة والزكاة حتى قال: (وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا) ؟
قلنا: تأخير الخطاب إلى غاية البلوغ وغيرها إنما كان ليحصل العقل والتمييز، وعيسى عليه الصلاة والسلام كان واجداً للعقل والتمييز التام في تلك الحالة فتوجه نحوه الخطاب أن يفعلهما إذ قدر على


الصفحة التالية
Icon