قلنا: فائدته تأنيسه وتخفيف ما حصل عنده من دهشة الخطاب، وهيبة الاجلال وقت التكلم معه، كما يرى أحدنا طفلا قد دخلته هيبة واجلال وخوف وفى يده فاكهة أو غيرها فيلاطفه ويؤانسه بقوله: ما هذا في يدك؟ مع أنه عالم به، الثانى: أنه أراد بذلك أن يقرأ موسى عليه الصلاة والسلام ويعترف بكونها عصا، ويزداد علمه بكونها عصا رسوخاً في قلبه، فلا يحوم حوله شك إذا قلبها ثعباناً إنها كانت عصا ثم انقلبت ثعباناً بقدرة الله تعالى، وأن يقرر في نفسه المباينة البعيدة بين المقلوب عنه والمقلوب إليه فيتنبه على القدرة الباهرة، ونظيره أن يريك الزراد زبرة من حديد ويقول لك ما هذه؟ فتقول زبرة حديدثم يريك بعد أيام درعاً سابغة مسرورة ويقول هذه هى الزبرة صيرتها إلى ما تراه من عجب الصنعة وأنيق السرد.
* * *
فإن قيل: كيف زاد موسى عليه الصلاة والسلام على حرف: الجواب وليس ذلك من شيمة البلغاء خصوماً في مخاطبة الملوك؟
قلنا: قال ابن عباس رضى الله عنهما: إنه لما قال: هى عصاى سئل سؤالاً ثانياً فقيل: ما تصنع بها؟
فأجاب بباقى الآية، الثانى: (أنه) إنما عدد فوائدها وبين حاجته إليها خوفاً من أن يؤمر بإلقائها كما أمر بإلقاء النعلين، الثالث: (أنه) ذكر ذلك لئلا


الصفحة التالية
Icon