العادة، كما يتقدم المقدم جماعته وأتباعه، ثم عقب العذر
بجواب السؤال عن السبب.
* * *
فإن قيل: أليس أن أئمة اللغة قالوا العوج بالكسر في المعانى، وبالفتح في الأعيان، ولهذا قال ثعلب: تقول في الأمر والدين عوج، وفى العصا ونحوها عوج والجبال والأرض عين فكيف صح فيهما المكسور في قوله تعالى: (لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا) ؟
قلنا: قال ابن السكيت: كل ما كان ينتصب كالحائط والعود قيل فيه عوج بالفتح والعوج بالكسر ما كان في الأرض أو دين أو معاش فعلى هذا لا إشكال، الثانى: أنه أراد به نفى الاعوجاج الذي يدرك بالقياس الهندسى، ولا يدرك بحاسة البصر، وذلك اعوجاج لاحق بالمعانى، فلذلك قال فيه عوج بالكسر ومما يوضح هذا إنك لو سويت قطعة أرض غاية التسوية بمقتضى نظر العين بموافقة جماعة من البصراء، واتفقتم على أنه لم يبق فيها اعوجاج قط، ثم أمرت المهندس أن يعتبرها بالمقاييس الهندسية لوجد فيها عوجاً في غير موضع، ولكنه عوج لا يدرك بحاسة البصر، فنفى الله تعالى ذلك العوج الذي لطف ودق عن الإدراك، فكان لدقته وخفائه ملحقاً بالمعانى.
* * *
فإن قيل: إن الله تعالى أخبر أن آدم عليه الصلاة والسلام نسى عهد الله ووصيته، وأكل من الشجرة بقوله تعالى:
(وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ) وإذا كان فعل ذلك ناسياً فكيف وصفه بالعصيان


الصفحة التالية
Icon