سورة الأنبياء عليهم السلام
* * *
فإن قيل: كيف قال تعالى: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ) وصفه بالقرب، وقد مضى من وقت هذا الإخبار أكثر من ستمائة عام ولم يوجد يوم الحساب بعد؟
قلنا: معناه أنه قريب عند الله تعالى، وإن كان بعيد عند الناس، كما قال تعالى: (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا) وقال تعالى: (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ)، الثانى: أن معناه أنه قريب بالنسبة إلى ما مضى من الزمان، كما قال صلى الله عليه وسلم: إن مثل ما بقى من الدنيا في جانب ما مضى كمثل خيط في ثوب، الثالث: أن المراد به قرب حساب كل واحد في قبره إذا مات، ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم: من مات فقد قامت قيامته.
الرابع: أن كل آت قرقيب وإن طالت أوقات استقباله وترقبه، وإنما البعيد الذي وجد وانقرض، ولهذا يقول الناس إذا سافروا من بلد إلى بلد بعد ماولوا أظهرهم البلد الأول، البلد الثانى أقرب، وإن كان أبعد مسافة.
* * *
فإن قيل: كيف قال تعالى: (مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ) والذكر الآتى من الله تعالى هو القرآن، وهو قديم لا محدث؟
قلنا: المراد محدث إنزاله، الثانى: أن المراد به ذكر يكون غير القرآن من مواعظ الرسول ﷺ وغيره، ونسبته إلى