فكيفا التوفيق بينهما؟
قلنا: معناه يعبد من دون الله ما لا يضر بنفسه إن لم يعبده، ولا ينفعه بنفسه إن عبده، ثم قال تعالى يعبد من يضره الله بسبب عبادته، وإنما أضاف الضمير إليه لحصوله بسببه.
* * *
فإن قيل: قوله تعالى: (أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ) يدل على أن في عبادة الصنم نفعاً وإن كان فيها ضرر؟
قلنا: معناه أقرب من النفع المنسوب إليه في زعمهم وهو اعتقادهم أنه يشفع لهم.
* * *
فإن قيل: كيف قال تعالى: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) أي بسبب كونهم مظلومين ولم يبين ما الشيء الذي أذن لهم فيه؟
قلنا: تقديره: أذن للذين يقاتلون في القتال، وإنما حذف لدلالة يقاتلون عليه، ولدلالة الحال أيضاً، فإن كفار مكة كانوا يؤذون المؤمنين بأنواع الأذى وهم يستأذنون النبى ﷺ في قتالهم فيقول: لم يؤذن لي في ذلك، حتى هاجر إلى المدينة فنزلت هذه الآية، وهى أول آية نزلت في الأذن في القتال، فنسخت سبعين
آية ناهية عن القتال، كذا قاله ابن عباس رضى الله عنهما فكان المأذون فيه ظاهراً لكونه مترقباً منتظراً.