من غير أن ينقص من أجر الآخرة شيئاً، قال ابن جرير: وإليه الإشارة بقول تعالي: (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) يعنى لة في الآخرة جزاء الصالحين وافياً كاملاً وأجره في الدنيا، قيل: هو الثناء الحسن من الناس، والمحبة من أهل الأديان كلها، وقيل: هو البركة التى بارك الله فيه وفى ذريته.
* * *
فإن قيل: كيف قالوا: (إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ) يعنون مدينة قوم لوط عليه السلام، ولم يقولوا تلك القرية مع أن مدينة قوم لوط كانت بعيدة عن موضع إبراهيم عليه السلام، غائبة عند وقت هذا الخطاب؟
قلنا: إنما قالوا هذه القرية لأنها كانت قريبة حاضرة بالنسبة إليهم، وإن كانت بعيدة بالنسبة إلى إبراهيم عليه السلام.
* * *
فإن قيل: كيف قالوا: (أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ) ولم يقولوا أهل هذه القرى، مع أن مدائن قوم لوط كانت خمساً، فأهلكوا أربعة؟
قلنا: إنما اقتصروا في الذكر على قرية واحدة لأنها كانت أكبر وأقرب وهى "سدوم " مدينة لوط عليه السلام فجعلوا ما وراءها تبعاً لها في الذكر.
* * *
فإن قيل: كيف قال الله تعالى: (وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ) أي ذوى بصائر يقال فلان مستبصر إذا كان عاقلاً لبيباً صحيح النظر ولو كانوا كذلك لما عدلوا عن طريق الهدى إلى طريق الضلال؟


الصفحة التالية
Icon