فإن قيل: ما فائدة قوله تعالى: (وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ) ؟
قلنا: فائدته تأكيد النفى كما يقال في الاثبات للتأكيد هذا الكتاب مما كتبه فلان بيده ويمينه، ورأيت فلان بعينه، وسمعت هذا الحديث بأذنى ونحو ذلك.
* * *
فإن قيل: كيف لم يؤكد سبحانه في التلاوة ولم يقل: وما كنت تتلوا من قبله من كتاب بلسانك؟
قلنا: الأصل في الكلام عدم الزيادة، فكل ما جاء على الأصل لا يحتاج إلى العلة، وإنما يحتاج إلى العلة ما جاء على خلاف الأصل.
* * *
فإن قيل: كيف قال تعالى: (واوَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) ومعلوم أن المجاهدة في الدين أو في حق الله تعالى مع النفس الأمارة بالسوء أو مع الشيطان أو مع أعداء الدين كل ذلك إنما يكون بعد تقدم الهدية من الله تعالى، فكيف جعل الهداية من ثمرات
المجاهدة؟
قلنا: معناه والذين جاهدوا في طلب العلم لنهدينهم سبلنا بمعرفة الأحكام وحقائقها، وقيل: معناه لنهدينهم طريق الجنة، وقيل: معناه والذين جاهدوا لتحصيل درجة لنهدينهم إلى درجة أخرى أعلى منها
وحاصله لنزيدنهم هداية وتوفيقاً للخيرات كقوله تعالى: (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى) وقوله تعالى:
(وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى)